والبهجة أو كمال المساءة والغم والمراد ههنا هو الأول وما فيه من التنكير والابهام للايذان بارتفاعه عن رتبة البيان والمراد به ما هم فيه من فنون الملاذ التي تلهيهم عما عداها بالكلية واما ان المراد به افتضاض الابكار أو السماع وضرب الأوتار أو النزاور أو ضيافة الله تعالى أو شغلهم عما فيه أهل النار على الاطلاق أو شغلهم عن أهاليهم في النار لا يهمهم امرهم ولا يبالون بهم كيلا يدخل عليهم تنغيص في نعيمهم كما روى كل واحد منها عن واحد من أكابر السلف فليس مرادهم بذلك حصر شغلهم فيما ذكروه فقط بل بيان انه من جملة أشغالهم وتخصيص كل منهم كلا من تلك الأمور بالذكر محمول على اقتضاء مقام البيان إياه وهو مع جاره خبر لان وفاكهون خبر آخر لها أي انهم مستقرون في شغل واي شغل في شغل عظيم الشأن متنعمون بنعيم مقيم فائزون بملك كبير والتعبير عن حالهم هذه بالجملة الاسمية قبل تحققها بتنزيل المترقب المتوقع منزلة الواقع للايذان بغاية سرعة تحققها ووقوعها ولزيادة مساءة المخاطبين بذلك وقرئ في شغل بسكون الغين وفي شغل بفتحتين وبفتحة وسكون والكل لغات وقرئ فكهون للمبالغة وفكهون بضم الكاف وهي لغة كنطس وفاكهين وفكهين على الحال من المستكن في الظرف وقوله تعالى «هم وأزواجهم في ظلال على الأرائك متكئون» استئناف مسوق لبيان كيفية شغلهم وتفكههم وتكميلهما بما يزيدهم بهجة وسرورا من شركة أزواجهم لهم فيما هم فيه من الشغل والفكاهة على أن هم مبتدأ وأزواجهم عطف عليه ومتكئون خبر والجاران صلتان له قدمتا عليه لمراعاة الفواصل أو هو والجاران بما تعلقا به من الاستقرار أخبار مترتبة وقيل الخبر هو الظرف الأول والثاني مستأنف على أنه متعلق بمتكئون وهو خبر لمبتدأ محذوف وقيل على أنه خبر مقدم ومتكئون مبتدأ مؤخر وقرئ متكين بلا همز نصبا على الحال من المستكن في الظرفين أو أحدهما وقيل هم تأكيد للمستكن في خبر إن ومتكئون خبر آخر لها وعلى الأرائك متعلق به وكذا في ظلال أو هذا بمضمر هو حال من المعطوفين والظلال جمع ظل كشعاب جمع شعب أو جمع ظلة كقباب جمع قبة ويؤيده قراءة في ظلل والأرائك جمع أريكة وهي السرير المزين بالثياب والستور قال ثعلب لا تكون أريكة حتى تكون عليها حجلة وقوله تعالى «لهم فيها فاكهة» الخ بيان لما يتمتعون به في الجنة من المآكل والمشارب ويتلذذون به من الملاذ الجسمانية والروحانية بعد بيان ما لهم فيها من مجالس الإنس ومحافل القدس تكميلا لبيان كيفية ما هم فيه من الشغل والبهجة أي لهم فيها فاكهة كثيرة من كل نوع من الفواكه وما في قوله تعالى «ولهم ما يدعون» موصولة أو موصوفة عبر بها عن مدعو عظيم الشأن معين أو مبهم إيذانا بأنه الحقيق بالدعاء دون ما عداه ثم صرح به روما لزيادة التقرير بالتحقيق بعد التشويق كما ستعرفه أو هي باقية على عمومها قصد بها التعميم بعد تخصيص بعض المواد المعتادة بالذكر وأيا ما كان فهو مبتدأ ولهم خبره والجملة معطوفة على الجملة السابقة وعدم الاكتفاء بعطف ما يدعون على فاكهة لئلا
(١٧٣)