عيسى عليه السلام اثنين فلما قربا من المدينة رأيا شيخا يرعى غنيمات له وهو حبيب النجار صاحب يس فسألهما فأخبراه قال أمعكما آية فقالا نشفي المريض ونبرىء الأكمه والأبرص وكان له ولد مريض منذ سنتين فمسحاه فقام فآمن حبيب وفشا الخبر وشفى على أيديهما خلق وبلغ حديثهما إلى الملك وقال لهما النا اله سوى آلهتنا قالا نعم من أوجدك وآلهتك فقال حتى انظر في أمركما فتبعهما الناس وقيل ضربوهما وقيل حبسا ثم بعث عيسى عليه السلام شمعون فدخل متنكرا وعاشر حاشية الملك حتى استأنسوا به ورفعوا خبره إلى الملك فأنس به فقال له يوما بلغني انك حبست رجلين فهل سمعت ما يقولونه قال لا حال الغضب بيني وبين ذلك فدعاهما فقال شمعون من أرسلكما قالا الله الذي خلق كل شيء وليس له شريك فقال صفاه وأوجزا قالا يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد قال وما آيتكما قالا ما يتمنى الملك فدعا بغلام مطموس العينين فدعوا الله تعالى حتى انشق له بصر فأخذا بندقتين فوضعاهما في حدقتيه فصارتا مقلتين ينظر بهما فقال له شمعون أرأيت لو سألت إلهك حتى يصنع مثل هذا فيكون لك وله الشرف قال ليس لي عنك سر ان الهنا لا يبصر ولا يسمع ولا يضر ولا ينفع وكان شمعون يدخل معهم على الصنم فيصلي ويتضرع وهم يحسبون انه منهم ثم قال ان قدر إلهكما على احياء ميت آمنا به فدعوا بغلام مات من سبعة أيام فقام وقال اني أدخلت في سبعة أودية من النار واني أحذركم ما أنتم فيه فآمنوا وقال فتحت أبواب السماء فرأيت شابا حسن الوجه يشفع لهؤلاء الثلاثة قال الملك من هم قال شمعون وهذان فتعجب الملك فلما رأى شمعون ان قوله قد اثر فيه نصحه فآمن وآمن قوم ومن لم يؤمن صاح عليهم جبريل عليه السلام فهلكوا هكذا قالوا ولكن لا يساعده سياق النظم الكريم حيث اقتصر فيه على حكاية تماديهم في العناد واللجاج وركوبهم متن المكابرة في الحجاج ولم يذكر فيه ممن يؤمن أحد سوى حبيب ولو ان الملك وقوما من حواشيه آمنوا لكان الظاهر ان يظاهروا الرسل ويساعدوهم قبلوا في ذلك أو قتلوا كدأب النجار الشهيد ولكان لهم فيه ذكر ما بوجه من الوجوه اللهم الا ان يكون ايمان الملك بطريق الخفية على خوف من عناة ملئه فيعتزل عنهم معتذرا بعذر من الاعذار «قالوا» أي أهل أنطاكية الذين لم يؤمنوا مخاطبين للثلاثة «ما أنتم إلا بشر مثلنا» من غير مزية لكم علينا موجبة لاختصاصكم بما تدعونه ورفع بشر لانتقاض النفي المقتضى لاعمال ما بإلا «وما أنزل الرحمن من شيء» مما تدعونه من الوحي والرسالة «إن أنتم إلا تكذبون» في دعوى رسالته «قالوا ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون» استشهدوا بعلم الله تعالى وهو يجري مجرى القسم مع ما فيه من تحذيرهم معارضة علم الله تعالى وزادوا اللام المؤكدة لما شاهدوا منهم من شدة الانكار «وما علينا» أي من جهة ربنا «إلا البلاغ المبين» أي الا تبليغ رسالته تبليغا ظاهرا بينا
(١٦٢)