موسى ربي أعلم بمن جاء بالهدى من عنده» يريد به نفسه وقرئ قال بغير واو لأنه جواب عن مقألهم ووجه العطف ان المراد حكاية القولين ليوازن السامع بينهما فيميز صحيحهما من الفاسد «ومن تكون له عاقبة الدار» أي العاقبة المحمودة في الدار وهي الدنيا وعاقبتها الأصلية هي الجنة لأنها خلقت مجازا إلى الآخرة ومزرعة لها والمقصود بالذات منها الثواب وأما العقاب فمن نتائج اعمال العصاة وسيئات الغواة وقرئ يكون بالياء التحتانية «إنه لا يفلح الظالمون» أي لا يفوزون بمطلوب ولا ينجون عن محذور «وقال فرعون يا أيها الملأ ما علمت لكم من إله غيري» قاله اللعين بعد ما جمع السحرة وتصدى للمعارضة فكان من أمرهم ما كان «فأوقد لي يا هامان على الطين» أي اصنع آجرا «فاجعل لي» منه «صرحا» أي قصرا رفيعا «لعلي أطلع إلى إله موسى» كأنه توهم أنه لو كان لكان جسما في السماء يمكن الرقي اليه ثم قال «وإني لأظنه من الكاذبين» أو أراد ان يبنى له رصدا يترصد منه أوضاع الكواكب فيرى هل فيها ما يدل على بعثه رسول وتبدل دولته وقيل المراد بنفي العلم نفى المعلوم كما في قوله تعالى «قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض» فإن معناه بما ليس فيهن وهذا من خواص العلوم الفعلية فإنها لازمة لتحقق معلوماتها فيلزم من انتفائها انتفاء معلوماتها ولا كذلك العلوم الانفعالية قيل أول من اتخذ الاجر فرعون ولذلك امر باتخاذه على وجه يتضمن تعليم الصنعة مع ما فيه من تعظيم ولذلك نادى هامان باسمه بيافي وسط الكلام «واستكبر هو وجنوده في الأرض» ارض مصر «بغير الحق» بغير استحقاق «وظنوا أنهم إلينا لا يرجعون» بالبعث للجزاء وقرئ بفتح الياء وكسر الجيم من رجع رجوعا والأول من رجع رجعا وهو الأنسب بالمقام «فأخذناه وجنوده» عقيب ما بلغوا من الكفر والعتو أقصى الغايات «فنبذناهم في اليم» قد مر تفصيله وفيه من تفخيم شأن الأخذ وتهويله واستحقار المأخوذين المنبوذين ما لا يخفى كأنه تعالى أخذهم مع كثرتهم في كف وطرحهم في البحر ونظيره قوله تعالى وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه «فانظر كيف كان عاقبة الظالمين» وبينها للناس ليعتبروا بها «وجعلناهم» أي صيرناهم في عهدهم «أئمة يدعون» الناس «إلى النار» إلى ما يؤدي إليها من الكفر والمعاصي أي قدوة يقتدى بهم أهل الضلال لما صرفوا اختيارهم إلى تحصيل تلك الحالة وقيل
(١٤)