«يؤتون أجرهم مرتين» مرة على إيمانهم بكتابهم ومرة على إيمانهم بالقرآن «بما صبروا» بصبرهم وثباتهم على الإيمانين أو على الايمان بالقرآن قبل النزول وبعده أو على اذى من هاجرهم أهل دينهم ومن المشركين «ويدرؤون بالحسنة السيئة» أي يدفعون بالطاعة المعصية لقوله صلى الله عليه وسلم وأتبع السيئة الحسنة تمحها «ومما رزقناهم ينفقون» في سبيل الخير «وإذا سمعوا اللغو» من اللاغين «أعرضوا عنه» عن اللغو تكرما كقوله تعالى وإذا مروا باللغو مروا كراما «وقالوا» لهم «لنا أعمالنا ولكم أعمالكم سلام عليكم» بطريق المتاركة والتوديع «لا نبتغي الجاهلين» لا نطلب صحبتهم ولا نريد مخالطتهم «إنك لا تهدي» هداية موصلة إلى البغية لا محالة «من أحببت» من الناس ولا تقدر على أن تدخله في الاسلام وإن بذلت فيه غاية المجهود وجاوزت في السعي كل حد معهود «ولكن الله يهدي من يشاء» أن يهديه فيدخله في الاسلام «وهو أعلم بالمهتدين» بالمستعدين لذلك والجمهور على أنها نزلت في أبي طالب فإنه لما احتضر جاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج بها لك عند الله قال له يا ابن أخي قد علمت أنك لصادق ولكني أكره ان يقال جزع عند الموت ولولا أن يكون عليك وعلى بنى أبيك غضاضة بعدي لقلتها ولأقررت بها عينك عند الفراق لما أرى من شدة وجدك ونصيحتك ولكني سوف أموت على ملة الأشياخ عبد المطلب وهاشم وعبد مناف «وقالوا إن نتبع الهدى معك نتخطف من أرضنا» نزلت في الحرث بن عثمان ابن نوفل بن عبد مناف حيث أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال نحن نعلم أنك على الحق ولكنا نخاف إن اتبعناك وخالفنا العرب وإنما نحن أكلة رأس أن يتخطفونا من أرضنا فرد عليهم بقوله تعالى «أو لم نمكن لهم حرما آمنا» أي ألم نعصمهم ولم نجعل مكانهم حرما ذا أمن لحرمة البيت الحرام الذي تتناحر العرب حوله وهو آمنون «يجبى إليه» وقرئ تجبى أي تجمع وتحمل إليه «ثمرات كل شيء» من كل أوب والجملة صفة أخرى لحرما دافعة لما عسى يتوهم من تضررهم بانقطاع الميرة «رزقا من لدنا» فإذا كان حالهم ما ذكروهم عبدة أصنام فكيف يخافون التخطف إذا ضموا إلى حرمة البيت حرمة التوحيد «ولكن أكثرهم لا يعلمون» أي جهلة لا يتفطنون له ولا يتفكرون ليعلموا ذلك وقيل هو متعلق بقوله تعالى من لدنا أي قليل منهم بتدبرون فيعلمون أن ذلك رزق من عند الله تعالى إذ لو علموا لما خافوا غيره وانتصاب رزقا على انه مصدر مؤكد لمعنى يجبى أو حال من ثمرات على أنه بمعنى مرزوق لتخصصها بالإضافة ثم بين ان الامر بالعكس
(١٩)