من أولاد يعقوب عليه السلام ومثله حقيق بأن يضيف ويكرم لا سيما في دار نبي من أنبياء الله تعالى عليهم الصلاة والسلام وقيل ليس بمستنكر منه عليه الصلاة والسلام أن يقبل الاجر لاضطرار الفقر والفاقة وقد روى عن عطاء بن السائب انه عليه السلام رفع صوته بدعائه ليسمعها ولذلك قيل له ليجزيك الخ ولعله عليه السلام إنما فعله ليكون ذريعة إلى استدعائه لا إلى استيفاء الاجر «قالت إحداهما» وهي التي استدعته إلى أبيها وهي التي زوجها من موسى عليهما السلام «يا أبت استأجره» أي لرعى الغنم والقيام بأمرها «إن خير من استأجرت القوي الأمين» تعليل جار مجرى الدليل على انه حقيق بالاستئجار وللمبالغة في ذلك جعل خير اسما لان وذكر الفعل على صيغة الماضي للدلالة على انه أمين مجرب روى أن شعيبا عليه السلام قال لها وما أعلمك بقوته وأمانته فذكرت ما شاهدت منه عليه السلام من إقلال الحجر ونزع الدلو وأنه صوب رأسه حتى بلغته رسالته وأمرها بالمشي خلفه «قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين على أن تأجرني» أي تكون أجير إلى أو تثيبني من أجرت كذا إذا أثبته إياه فقوله تعالى «ثماني حجج» على الأول ظرف وعلى الثاني مفعول به على تقدير مضاف أي رعية ثماني حجج ونقل عن المبرد أنه يقال أجرت داري ومملوكي غير ممدود وآجرت ممدودا والأول أكثر فعلى هذا يكون المفعول الثاني محذوفا والمعنى على أن تأجرني نفسك وقوله تعالى ثماني حجج ظرف كالوجه الأول «فإن أتممت عشرا» في الخدمة والعمل «فمن عندك» أي فهو من عندك بطريق التفضل لا من عندي بطريق الإلزام عليك وهذا من شعيب عرض لرأيه على موسى عليهما السلام واستدعاء منه للعقد لا إنشاء وتحقيق له بالفعل «وما أريد أن أشق عليك» بإلزام إتمام العشر أو المناقشة في مراعاة الأوقات واستيفاء الاعمال واشتقاق المشقة من الشق فإن ما يصعب عليك يشق عليك اعتقادك في إطاقته ويوزع رأيك في مزاولته «ستجدني إن شاء الله من الصالحين» في حسن المعاملة ولين الجانب والوفاء بالعهد ومراده عليه الصلاة والسلام بالاستثناء التبرك به وتفويض امره إلى توفيقه تعالى لا تعليق صلاحه بمشيئته تعالى «قال ذلك بيني وبينك» مبتدأ وخبر أي ذلك الذي قلته وعاهدتنى فيه وشارطتنى عليه قائم وثابت بيننا جميعا لا يخرج عنه واحد منا لا أنا عما شرطت على ولا أنت عما شرطت على نفسك وقوله تعالى «أيما الأجلين» أي أكثرهما أو أقصرهما «قضيت» أي وفتيكه بأداء الخدمة فيه «فلا عدوان علي» تصريح بالمراد وتقرير لأمر الخيرة أي لا عدوان على بطلب الزيادة على ما قضيته من الأجلين وتعميم انتفاء العدوان لكلا الأجلين بصدد المشارطة مع عدم تحقق العدوان في أكثرهما رأسا للقصد إلى التسوية بينهما في الانتفاء
(١٠)