أينما صلى صلى الله عليه وسلم فلم يكن ينظر اليه الشيطان في صلاته الا احترق فمر به يوما شيطان فنظر فإذا سليمان عليه السلام قد خر ميتا ففتحوا عنه فإذا عصاه قد اكلها الأرضة فأرادوا ان يعرفوا وقت موته فوضعوا الأرضة على العصا فأكلت منها في يوم وليلة مقدارا فحسبوا على ذلك فوجدوه قد مات منذ سنة وكان عمره ثلاثا وخمسين سنة ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة وبقي في ملكه أربعين سنة وابتدأ بناء بيت المقدس لأربع مضين من ملكه «لقد كان لسبأ» بيان لاخبار بعض الكافرين بنعم الله تعالى اثر بيان أحوال الشاكرين لها أي لأولاد سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان وقرئ بمنع الصرف على انه اسم القبيلة وقرئ بقلب الهمزة ألفا ولعله اخراج لها بين بين «في مسكنهم» وقرئ بكسر الكاف كالمسجد وقرئ بلفظ الجمع أي مواضع سكناهم وهي باليمن يقال لها مأرب بينها وبين صنعاء مسيرة ثلاث ليال آية دالة بملاحظة أحوالها السابقة واللاحقة على وجود الصانع المختار القادر على كل ما يشاء من الأمور البديعة المجازي للمحسن والمسيء معاضدة للبرهان السابق كما في قصتي داود وسليمان عليهما السلام «جنتان» بدل من آية أو خبر لمبتدأ محذوف أي هي جنتان وفيه معنى المدح ويؤيده قراءة النصب على المدح والمراد بهما جماعتان من البساتين «عن يمين وشمال» جماعة يمين بلدهم وجماعة عن شماله كل واحدة من تينك الجماعتين في تقاربهما وتضامهما كأنهما جنة واحدة أو بستانا كل رجل منهم عن يمين مسكنه وعن شماله «كلوا من رزق ربكم واشكروا له» حكاية لما قيل لهم على لسان نبيهم تكميلا للنعمة وتذكيرا لحقوقها أو لما نطق به لسان الحال أو بيان لكونهم أحقاء بأن يقال لهم ذلك «بلدة طيبة ورب غفور» استئناف مبين لما يوجب الشكر المأمور به أي بلدتكم بلدة طيبة وربكم الذي رزقكم ما فيها من الطيبات وطلب منكم الشكر رب غفور لفرطات من يشكره وقرئ الكل بالنصب على المدح قيل كان أطيب البلاد هواء وأحصبها وكانت المرأة تخرج وعلى رأسها المكتل فتعمل بيديها وتسير فيما بين الأشجار فيمتلىء المكتل مما يتساقط فيه من الثمار ولم يكن فيه من مؤذيات الهوام شئ «فأعرضوا» عن الشكر بعد إبانة الآيات الداعية لهم إليه قيل أرسل الله إليهم ثلاثة عشر نبيا فدعوهم إلى الله تعالى وذكروهم بنعمة وأنذروهم عقابه فكذبوهم «فأرسلنا عليهم سيل العرم» أي سيل الأمر العرم أي الصعب من عرم الرجل فهو عارم وعرم إذا شرس خلقه وصعب أو المطر الشديد وقيل العرم جمع عرمة وهي الحجارة المركومة وقيل هو السكر الذي يحبس الماء وقيل هو اسم للبناء الذي يجعل سدا وقيل هو البناء الرصين الذي بنته الملكة بلقيس بين الجبلين بالصخر والقار وحقنت به ماء العيون والأمطار وتركت فيه خروقا على ما يحتاجون إليه في
(١٢٧)