يسعه ومن معه من قومه فأبوا فاقتتلوا ثلاثة أيام فانهزمت جرهم ولم يفلت منهم إلا الشريد وأقام ثعلبة بمكة وما حولها في قومه وعساكره حولا فأصابتهم الحمى فاضطروا إلى الخروج وقد رجع إليه رواده فافترقوا فرقتين فرقة توجهت نحو عمان وهم الأزد وكندة وحمير ومن يتلوهم وسار ثعلبة نحو الشام فنزل الأوس والخزرج ابنا حارثة بن ثعلبة بالمدينة وهم الأنصار ومضت غسان فنزلوا بالشام وانخزعت خزاعة بمكة فأقام بها ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر وهو لحى فولى امر مكة وحجابة البيت ثم جاءهم أولاد إسماعيل عليه السلام فسألوهم السكنى معهم وحولهم فأذنوا لهم في ذلك وروى عن ابن عباس رضى الله عنهما ان فروة بن مسيك الغطيفى سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن سبأ فقال صلى الله عليه وسلم هو رجل كان له عشرة أولاد ستة منهم سكنوا اليمن وهم مذحج وكندة والأزد والأشعريون وحمير وأنمار منهم بجيلة وخثعم وأربعة منهم سكنوا الشام وهم لخم وجذام وعاملة وغسان لما هلكت أموالهم وخربت بلادهم تفرقوا أيدي سبأ شذر مذر فنزلت طوائف منهم بالحجاز فمنهم خزاعة نزلوا بظاهر مكة ونزلت الأوس والخزرج بيثرب فكانوا أول من سكنها ثم نزل عندهم ثلاث قبائل من اليهود بنو قينقاع وبنو قريظة والنضير فحالفوا الأوس والخزرج وأقاموا عندهم ونزلت طوائف اخر منهم بالشام وهم الذين تنصروا فيما بعد وهم غسان وعاملة ولخم وجذام وتنوخ وتغلب وغيرهم وسبأ تجمع هذه القبائل كلها والجمهور على أن جميع العرب قسمان قحطانية وعدنانية والقحطانية شعبان سبأ وحضرموت والعدنانية شعبان ربيعة ومضر وأما قضاعة فمختلف فيها بعضهم ينسبونها إلى قحطان وبعضهم إلى عدنان والله تعالى أعلم «إن في ذلك» أي فيما ذكر من قصتهم «لآيات» عظيمة «لكل صبار شكور» أي شأنه الصبر عن الشهوات ودواعي الهوى وعلى مشاق الطاعات والشكر على النعم وتخصيص هؤلاء بذلك لأنهم المنتفعون بها «ولقد صدق عليهم إبليس ظنه» أي حقق عليهم ظنه أو وجده صادقا وقرئ بالتخفيف أي صدق في ظنه أو صدق بظن ظنه ويجوز تعدية الفعل إليه بنفسه لأنه نوع من القول وقرئ بنصب إبليس ورفع الظن مع التشديد بمعنى وجده ظنه صادقا ومع التخفيف بمعنى قال له الصدق حين خيل له إغواءهم وبرفعهما والتخفيف على الإبدال وذلك إما ظنه بسبأ حين رأى انهماكهم في الشهوات أو ببنى آدم حين شاهد آدم عليه السلام قد أصغى إلى وسوسته قال إن ذريته أضعف منه عزما وقيل ظن ذلك عند إخبار الله تعالى الملائكة أنه يجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء وقال لأضلنهم ولأغوينهم «فاتبعوه» أي أهل سبأ أو الناس «إلا فريقا من المؤمنين» إلا فريقا هم المؤمنون لم يتبعوه على أن من بيانية وتقليلهم بالإضافة إلى الكفار أو إلا فريقا من فرق المؤمنين لم يتبعوه وهم المخلصون «وما كان له عليهم من سلطان» أي تسلط
(١٣٠)