لأنهم اشرف شركائهم والصالحون للخطاب منهم ولان عبادتهم مبدأ الشرك فبظهور قصورهم عن رتبة المعبودية وتنزههم عن عبادتهم يظهر حال سائر شركائهم بطريق الأولوية وقرئ الفعلان بالنون «قالوا» استئناف مبنى على سؤال نشأ من حكاية سؤال الملائكة كأنه قيل فماذا يقول الملائكة حينئذ فقيل يقولون متنزهين عن ذلك «سبحانك أنت ولينا من دونهم» والعدول إلى صيغة الماضي الدلالة على التحقق أي أنت الذي نواليه من دونهم لا موالاة بيننا وبينهم كأنهم بينوا بذلك براءتهم من الرضا بعبادتهم ثم اضربوا عن ذلك ونفوا انهم عبدوهم حقيقة بقولهم «بل كانوا يعبدون الجن» أي الشياطين حيث أطاعوهم في عبادة غير الله سبحانه وتعالى وقيل كانوا يتمثلون لهم ويخيلون لهم انهم الملائكة فيعبدونهم وقيل يدخلون أجواف الأصنام إذا عبدت فيعبدون بعبادتها «أكثرهم بهم مؤمنون» الضمير الأول للانس أو للمشركين والأكثر بمعنى الكل والثاني للجن «فاليوم لا يملك بعضكم لبعض نفعا ولا ضرا» من جملة ما يقال للملائكة عند جوابهم بالتنزه والتبرؤ عما نسب إليهم الكفرة يخاطبون بذلك على رؤوس الاشهاد اظهارا لعجزهم وقصورهم عند عبدتهم وتنصيصا على ما يوجب خيبة رجائهم بالكلية والفاء ليست لترتيب ما بعدها من الحكم على جواب الملائكة فإنه محقق أجابوا بذلك أم لا بل لترتيب الاخبار به عليه ونسبة عدم النفع والضر إلى البعض المبهم للمبالغة فيما هو المقصود الذي هو بيان عدم نفع الملائكة للعبدة بنظمه في سلك عدم نفع العبدة لهم كأن نفع الملائكة لعبدتهم في الاستحالة والانتفاء كنفع العبدة لهم والتعرض لعدم الضر مع انه لا بحث عنه أصلا اما لتعميم العجز أو لحمل عدم النفع على تقدير العبادة وعدم الضر على تقدير تركها أو لان المراد دفع الضر على حذف المضاف وتقييد هذا الحكم بذلك اليوم مع ثبوته على الاطلاق لانعقاد رجائهم على تحقق النفع يومئذ وقوله عز وجل «ونقول للذين ظلموا» عطف على نقول للملائكة لا على لا يملك كما قيل فإنه مما يقال يوم القيامة خطابا للملائكة مترتبا على جوابهم المحكى وهذا حكاية لرسول صلى الله عليه وسلم لما سيقال للعبدة يومئذ اثر حكاية ما سيقال للملائكة أي يوم نحشرهم جميعا ثم نقول للملائكة كذا وكذا ويقولون كذا وكذا ونقول للمشركين «ذوقوا عذاب النار التي كنتم بها تكذبون» يكون من الأهوال والأحوال مالا يحيط به نطاق المقال وقوله تعالى «وإذا تتلى عليهم آياتنا
(١٣٧)