عليها والضال كأنه منغمس في ظلام لا يرى شيئا أو محبوس في مطمورة لا يستطيع الخروج منها «قل لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون» وهذا أبلغ في الانصاف وابعد من الجدل والاعتساف حيث اسند فيه الاجرام وان أريد به الزلة وترك الأولى إلى أنفسهم ومطلق العمل إلى المخاطبين مع ان اعمالهم أكبر الكبائر قل يجمع بيننا ربنا يوم القيامة عند الحشر والحساب ثم يفتح بيننا بالحق أي يحكم بيننا ويفصل بعد ظهور حال كل منا ومنكم بأن يدخل المحقين الجنة والمبطلين النار وهو الفتاح الحاكم الفيصل في القضايا المنغلقة العليم بما ينبغي ان يقضى به «قل أروني الذين ألحقتم» أي ألحقتموهم «به شركاء» أريد بأمرهم بإراءة الأصنام مع كونها بمرأى منه صلى الله عليه وسلم اظهار خطئهم العظيم واطلاعهم على بطلان رأيهم أي أروينها لأنظر بأي صفة ألحقتموها بالله الذي ليس كمثله شيء في استحقاق العبادة وفيه مزيد تبكيت لهم بعد الزام الحجة عليهم كلا ردع لهم عن المشاركة بعد ابطال المقايسة «بل هو الله العزيز الحكيم» أي الموصوف بالغلبة القاهرة والحكمة الباهرة فأين شركاؤكم التي هي اخس الأشياء إذ لها من هذه الرتبة العالية والضمير اما الله عز وعلا أو للشأن كما في قل هو الله أحد «وما أرسلناك إلا كافة للناس» أي الا إرسالة عامة لهم فإنهم إذا عمتهم فقد كفتهم ان يخرج منها أحد منهم أو الا جامعا لهم في الابلاغ فهي حال من الكاف والتاء للمبالغة ولا سبيل إلى جعلها حالا من الناس لاستحالة تقدم الحال على صاحبها المجرور «بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون» ذلك فيحملهم جهلهم على ما هم عليه من الغى والضلال «ويقولون» من فرط جهلهم وغاية غيهم متى هذا الوعد بطريق الاستهزاء يعنون به المبشر به والمنذر عنه أو الموعود بقوله تعالى بجمع بيننا ربنا ثم يفتح بيننا «إن كنتم صادقين» مخاطبين لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين به «قل لكم ميعاد يوم» أي وعد يوم أو زمان وعدو الإضافة للتبيين وقرئ ميعاد يوم منونين على البدل ويوما بإضمار اعني للتعظيم «لا تستأخرون عنه» عند مفاجأته «ساعة ولا تستقدمون» صفة لميعاد وفي هذا الجواب من المبالغة في التهديد مالا يخفي حيث جعل الاستئخار في الاستحالة كالاستقدام الممتنع عقلا وقد مر بيانه مرارا ويجوز ان يكون نفي الاستئجار والاستقدام غير مقيد بالمفاجأة فيكون وصف الميعاد بذلك لتحقيقه
(١٣٣)