إذا تقدمت اقتضت الإحاطة بالجنس، وإذا تأخرت اقتضت الإحاطة بالمؤكد بتمامه; جنسا شائعا كان أو معهودا.
وأما قوله تعالى: * (كلي من كل الثمرات) *، ولم يقل " من الثمرات كلها " ففيه الحكمة السابقة، وتزيد فائدة، وهي أنه قد تقدمها في النظم: * (ومن ثمرات النخيل والأعناب...) * الآية.
فلو قال بعدها. " ثم كلي من الثمرات كلها " لأوهم أنها للعهد المذكور قبله; فكان الابتداء ب " كل " أحضر للمعنى، وأجمع للجنس، وأرفع للبس.
وأما المقطوع عن الإضافة، فقال السهيلي: حقها أن تكون مبتدأة مخبرا عنها، أو مبتدأة منصوبة بفعل بعدها لا قبلها، أو مجرورة يتعلق خافضها بما بعدها، كقولك:
كلا ضربت وبكل مررت. فلا بد من مذكورين قبلها، لأنه إن لم يذكر قبلها جملة، ولا أضيفت إلى جملة، بطل معنى الإحاطة فيها، ولم يعقل لها معنى.
* * * واعلم أن لفظ " كل " لأفراد التذكير، ومعناه بحسب ما يضاف إليه، والأحوال ثلاثة:
فالأول أن يضاف إلى نكرة فيجب مراعاة معناها، فلذلك جاء الضمير مفردا مذكرا في قوله تعالى: * (وكل شئ فعلوه في الزبر) *، * (وكل إنسان ألزمناه) * ومفردا مؤنثا في قوله: * (كل نفس بما كسبت رهينة) *، * (كل نفس ذائقة الموت) *،