ونقل ابن فارس عن بعضهم أن " ذلك " و " هذا " نقيضان [ل " لا "، وأن " كذلك " نقيض] ل " كلا "، كقوله تعالى: * (ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم) * على معنى: ذلك كما قلنا وكما فعلنا.
ومثله: * (هذا وإن للطاغين لشر مآب) *.
قال: ويدل على هذا المعنى دخول الواو بعد قوله: " ذلك " و " هذا " لأن ما بعد الواو يكون معطوفا على ما قبله بها وإن كان مضمرا. وقال تعالى: * (وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة) *، ثم قال: * (كذلك) * أي كذلك فعلنا ونفعله من التنزيل، وهو كثير.
وقيل: إنها إذا كانت بمعنى " لا " فإنها تدخل على جملة محذوفة، فيها نفى لما قبلها، والتقدير: ليس الأمر كذلك; وهي على هذا حرف دال على هذا المعنى، ولا تستعمل عند خلاف النحويين بهذا المعنى إلا في الوقف عليها، ويكون زجرا وردا أو إنكارا لما قبلها; وهذا مذهب الخليل وسيبويه والأخفش والمبرد والزجاج وغيرهم; لأن فيها معنى التهديد والوعيد; ولذلك لم تقع في القرآن إلا في سورة مكية، لأن التهديد والوعيد أكثر ما نزل بمكة; لأن أكثر عتو المشركين وتجبرهم بمكة، فإذا رأيت سورة فيها " كلا "، فأعلم أنها مكية.
وتكون " كلا " بمعنى " حقا " عند الكسائي، فيبتدأ بها لتأكيد ما بعدها، فتكون في موضع المصدر، ويكون موضعها نصبا على المصدر، والعامل محذوف، أي أحق ذلك حقا.