فأما عطف المفرد ففائدته تحصيل مشاركة الثاني للأول في الإعراب، ليعلم أنه مثل الأول في فاعليته أو مفعوليته; ليتصل الكلام بعضه ببعض، أو حكم خاص دون غيره، كما في قوله تعالى: * (فامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين) *، فمن قرأ بالنصب عطفا على " الوجوه " كانت " الأرجل " مغسولة، ومن قرأ بالجر عطفا على " الرؤوس " كانت ممسوحة، لكن خولف ذلك لعارض يرجح. ولا بد في هذا من ملاحظة المشاكلة بين المتعاطفين، فتقول: جاءني زيد وعمرو، لأنهما معرفتان، ولو قلت: جاء زيد ورجل، لم يستقم لكون المعطوف نكرة، نعم إن تخصص فقلت: ورجل آخر، جاز.
ولذا قال صاحب،، المستوفى،، من النحويين: وأما عطف الجملة، فإن كانت الأولى لا محل لها من الإعراب فكما سبق، لأنها تحل محل المفرد; نحو مررت برجل خلقه حسن، وخلقه قبيح. وإن كان لا محل لها، نحو زيد أخوك وعمرو صاحبك، ففائدة العطف الاشتراك في مقتضى الحرف العاطف، فإن كان العطف بغير الواو ظهر له فائدة من التعقيب كالفاء، أو الترتيب ك " ثم "، أو نفى الحكم عن الباقي ك " لا ".
وأما الواو فلا تفيد شيئا هنا غير المشاركة في الإعراب.
وقيل: بل تفيد أنهما كالنظيرين والشريكين; بحيث إذا علم السامع حال الأول عساه أن يعرف حال الثاني. ومن ثمة صار بعض الأصوليين إلى أن القران في اللفظ يوجب القران في الحكم، ومن ها هنا شرط البيانيون التناسب بين الجمل لتظهر الفائدة، حتى إنهم منعوا عطف الإنشاء على الخبر وعكسه.
ونقله الصفار في شرح سيبويه عن سيبويه; ألا ترى إلى قوله: يقبح عندهم أن يدخلوا الكلام الواجب في موضع المنفى، فيصيروا قد ضموا إلى الأول ما ليس بمعناه. انتهى.
ولهذا منع الناس من " الواو "; في " بسم الله الرحمن الرحيم وصلى الله على محمد " لأن الأولى