وذلك المتحصل هو المثل الأعلى; في قوله تعالى: * (ولله المثل الأعلى) *، وقد جاء:
* (أنه لا إله إلا الله) * ففسر بجهة الوحدانية.
وقال مجاهد في قوله تعالى: * (وقد خلت من قبلهم المثلات) *: هي الأمثال، وقيل: العقوبات.
وقال الزمخشري: المثل في الأصل بمعنى المثل، أي النظير; يقال: مثل ومثل ومثيل كشبه وشبه وشبيه. ثم قال: ويستعار للحال، أو الصفة، أو القصة إذا كان لها شأن وفيها غرابة. انتهى.
وظاهر كلام أهل اللغة أن " المثل "، بفتحتين: الصفة كقوله: * (مثلهم كمثل الذي استوقد نارا) *، وكذا * (مثل الجنة) *. وما اقتضاه كلامه من اشتراط الغرابة مخالف أيضا لكلام اللغويين. وما قاله من أن المثل والمثل بمعنى ينبغي أن يكون مراده باعتبار الأصل وهو الشبه; وإلا فالمحققون - كما قاله ابن العربي - على أن المثل (بالكسر) عبارة عن شبه المحسوس، وبفتحها عيارة عن شبه المعاني المعقولة; فالإنسان مخالف للأسد في صورته مشبه له في جراءته وحدته، فيقال للشجاع أسد، أي يشبه الأسد في الجرأة، ولذلك يخالف الانسان الغيث في صورته، والكريم من الانسان يشابهه في عموم منفعته.
وقال غيره: لو كان المثل والمثل سيان للزم التنافي بين قوله: * (ليس كمثله شئ) *، وبين قوله * (ولله المثل الأعلى) * فإن الأولى نافية له والثانية مثبتة له.