أما استعارته للحال فكقوله: * (مثلهم كمثل الذي استوقد نارا) *; أي حالهم العجيب الشأن كحال الذي استوقد نارا.
وأما استعارته للوصف فكقوله تعالى: * (ولله المثل الأعلى) * أي الوصف الذي له شأن، وكقوله: * (مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل) *، وكقوله: * (كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلدا) * وقوله: * (كمثل العنكبوت اتخذت بيتا) *، وقوله سبحانه: * (كمثل الحمار يحمل أسفارا) *.
وأما استعارته للقصة ثم فكقوله تعالى: * (مثل الجنة التي وعد المتقون) * أي فيما قصصنا عليك من العجائب قصة الجنة العجيبة; ثم أخذ في بيان عجائبها.
لا يقال: إن في هذه الأقسام الثلاثة تداخلا; فإن حال الشئ هي وصفه، ووصفه هو حاله; لأنا نقول: الوصف يشعر ذكره بالأمور الثابتة الذاتية أو قاربها من جهة اللزوم للشئ وعدم الانفكاك عنه، وأما الحال فيطلق على ما يتلبس به الشخص مما هو غير ذاتي له ولا لازم، فتغايرا. وإن أطلق أحدهما على الآخر فليس ذلك إطلاقا حقيقيا. وقد يكون الشئ مثلا له في الجرم، وقد يكون ما تعلقه النفس ويتوهم من الشئ مثلا، كقوله تعالى:
* (مثلهم كمثل الذي استوقد نارا) *; معناه أن الذي يتحصل في النفس الناظر في أمرهم، كالذي يتحصل في نفس الناظر من أمر المستوقد; قاله ابن عطية، وبهذا يزول الإشكال الذي في تفسير قوله: * (مثل الجنة) * وقوله: * (ليس كمثله شئ) *; لأن ما يحصل للعقل من وحدانيته وأزليته ونفى ما لا يجوز عليه ليس يماثله فيه شئ;