واعلم أن للشئ في الوجود أربع مراتب: الأولى حقيقته في نفسه. والثانية مثاله في الذهن - وهذان لا يختلفان باختلاف الأمم. والثالثة اللفظ الدال على المثال الذهني والخارجي. والرابعة الكتابة الدالة على اللفظ - وهذان قد يختلفان باختلاف الأمم، كاختلاف اللغة العربية والفارسية، والخط العربي والهندي; ولهذا صنف الناس في الخط والهجاء; إذ لا يجرى على حقيقة اللفظ من كل وجه.
وقال الفارسي: لما عمل أبو بكر بن السراج كتاب الخط والهجاء قال لي: اكتب كتابنا هذا، قلت له: نعم إلا أنى آخذ بآخر حرف منه، قال: وما هو؟ قلت: قوله:
" ومن عرف صواب اللفظ عرف صواب الخط " قال أبو الحسين بن فارس في كتاب فقه اللغة: " يروى أن أول من كتب الكتاب العربي والسرياني عمر والكتب كلها آدم عليه السلام قبل موته بثلاثمائة سنة، كتبها في طين وطبخه; فلما أصاب الأرض الغرق وجد كل قوم كتابا فكتبوه، فأصاب إسماعيل الكتاب العربي.
وكان ابن عباس يقول: أول من وضع الكتاب العربي إسماعيل عليه السلام.
قال: والروايات في هذا الباب كثيرة ومختلفة.
والذي نقوله: إن الخط توقيفي لقوله: * (علم بالقلم. علم الانسان ما لم يعلم) *.
وقال تعالى: * (ن والقلم وما يسطرون) *. [وإذا كان كذا]، فليس ببعيد أن يوقف آدم وغيره من الأنبياء عليهم السلام على الكتاب.