وأسند إلى الفراء قال: اتباع المصحف إذا وجدت له وجها من كلام العرب وقراءة الفراء أحب إلى من خلافه.
وقال أشهب: سئل مالك رحمه الله: هل تكتب المصحف على ما أخذته الناس من الهجاء؟ فقال: لا; إلا على الكتبة الأولى. رواه أبو عمرو الداني في المقنع ثم قال:
ولا مخالف له من علماء الأمة.
وقال في موضع آخر: سئل مالك عن الحروف في القرآن مثل الواو والألف: أترى أن تغير من المصحف إذا وجدا فيه كذلك؟ فقال: لا. قال أبو عمرو: يعنى الواو والألف المزيدتين في الرسم لمعنى، المعدومتين في اللفظ، نحو [الواو في]: * (أولوا الألباب) *، * (وأولات) * و: * (الربا) *، ونحوه.
وقال الإمام أحمد رحمه الله: تحرم مخالفة خط مصحف عثمان في ياء أو واو أو ألف أو غير ذلك.
قلت: وكان هذا في الصدر الأول، والعلم حي غض، وأما الآن فقد يخشى الإلباس; ولهذا قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام: لا تجوز كتابة المصحف الآن على الرسوم الأولى باصطلاح الأئمة; لئلا يوقع في تغيير من الجهال. ولكن لا ينبغي إجراء هذا على إطلاقه; لئلا يؤدى إلى دروس العلم، وشئ أحكمته القدماء لا يترك مراعاته لجهل الجاهلين; ولن تخلو الأرض من قائم لله بالحجة. وقد قال البيهقي في شعب الإيمان: من كتب مصحفا فينبغي أن يحافظ على الهجاء التي كتبوا بها تلك المصاحف، ولا يخالفهم فيها، ولا يغير مما كتبوه شيئا; فإنهم أكثر علما، وأصدق قلبا ولسانا، وأعظم أمانة منا; فلا ينبغي أن نظن بأنفسنا استدراكا عليهم. وروى بسنده عن زيد قال: القراء