فيهم، وإنما الغرض أنه لو أطاعكم في كثير من الأمر لعنتم، وإنما * (فيكم) * حال، والمعنى:
واعلموا أن رسول الله في حال كونه فيكم لو أطاعكم لكان كذا.
ومنه قوله تعالى: * (لا يقضى عليهم فيموتوا) *، وقوله: * (ولا يؤذن لهم فيعتذرون) * فإن الجواب وقع فيهما بعد النفي مقرونا بالفاء، وفى الأولى حذفت النون وفى الثانية أثبتها، فما الفرق بينهما؟ وجوابه أن حذف النون جوابا للنفي هو على أحد معنى نصب " ما تأتينا فتحدثنا " أي ما يكون إتيان ولا حديث، والمعنى الثاني إثبات الإتيان ونفى الحديث، أي ما تأتينا محدثا، أي تأتينا غير محدث، وهذا لا يجوز في الآية. وأما إثبات النون فعلى العطف.
وقريب من ذلك قوله تعالى: * (أبشرا منا واحدا نتبعه) *، وقوله: * (أبشر يهدوننا) * حيث انتصب " بشرا " في الأول وارتفع في الثاني، فيقال: ما الفرق بينهما؟
والجواب أن نصب " بشرا " على الاشتغال، والشاغل للعامل منصوب، فصح لعامله أن يفسر ناصبا، وأما في الثانية فالشاغل مرفوع مفسر رافعا; وهذا كما تقول: أزيد قام؟ فزيد مرفوع على الفاعلية لطلب أداء الفعل; فهذا في الاشتغال والشاغل مرفوع، وتقول فيما الشاغل فيه منصوب: أزيدا ضربته؟
وقريب منه إجماع القراء على نصب " قليل " في: * (فشربوا منه إلا قليلا) *.
اختلفوا في: * (ما فعلوه إلا قليل) *; وإنما كان كذلك لأن * (قليلا) * الأول استثناء من موجب، والثاني استثناء من منفى.