تنبيه: قد يقع في كلامهم: هذا تفسير معنى، وهذا تفسير إعراب. والفرق بينها أن تفسير الإعراب لا بد فيه من ملاحظة الصناعة النحوية، وتفسير المعنى لا يضر مخالفة ذلك، وقد قال سيبويه في قوله تعالى: * (مثل الذين كفروا كمثل الذي ينعق) *:
تقديره مثلك يا محمد، ومثل الذين كفروا كمثل الناعق والمنعوق به.
واختلف الشارحون في فهم كلام سيبويه، فقيل هو تفسير معنى، وقيل: تفسير إعراب; فيكون في الكلام حذفان: حذف من الأول وهو حذف داعيهم، وقد أثبت نظيره في الثاني، وحذف من الثاني وهو حذف المنعوق، وقد أثبت نظيره في الأول; فعلى هذا يجوز مثل ذلك في الكلام.
* * * والثاني: تجنب الأعاريب المحمولة على اللغات الشاذة، فإن القرآن نزل بالأفصح من لغة قريش; قال الزمخشري في كشافه القديم: القرآن لا يعمل فيه إلا على ما هو فاش دائر على ألسنة فصحاء العرب، دون الشاذ النادر الذي لا يعثر عليه إلا في موضع أو موضعين. وبهذا يتبين غلط جماعة من الفقهاء والمعربين حين جعلوا من العطف على الجوار قوله تعالى: * (وأرجلكم) * في قراءة الجر; وإنما ذلك ضرورة فلا يحمل عليه الفصيح; ولأنه إنما يصار إليه إذا أمن اللبس، والآية محتملة، ولأنه إنما يجئ مع عدم حرف العطف، وهو هاهنا موجود. وأيضا فنحن في غنية عن ذلك كما قاله سيبويه: إن العرب يقرب عندها المسح مع الغسل; لأنهما أساس الماء، فلما تقاربا في المعنى حصل العطف كقوله:
* متقلدا سيفا ورمحا *