أم كان ذلك أولا؟ ثم استقر الحال بعده على قولين.
وقال القرطبي: إن القائلين بالثاني - وهو أن الأمر كان كذلك، ثم استقر على ما هو الآن - هم أكثر العلماء، منهم سفيان بن عيينة، وابن وهب، والطبري، والطحاوي. ثم اختلفوا: هل استقر في حياته صلى الله عليه وسلم، أم بعد وفاته؟ والأكثرون على الأول، واختاره القاضي أبو بكر بن الطيب، وابن عبد البر، وابن العربي، وغيرهم; ورأوا أن ضرورة اختلاف لغات العرب ومشقة نطقهم بغير لغتهم اقتضت التوسعة عليهم في أول الأمر، فأذن لكل منهم أن يقرأ على حرفه، أي على طريقته في اللغة; إلى أن انضبط الأمر في آخر العهد وتدربت الألسن، وتمكن الناس من الاقتصار على الطريقة الواحدة; فعارض جبريل النبي صلى الله عليه وسلم القرآن مرتين في السنة الآخرة، واستقر على ما هو عليه الآن، فنسخ الله سبحانه تلك القراءة المأذون فيها بما أوجبه من الاقتصار على هذه القراءة التي تلقاها الناس. ويشهد لهذا الحديث الآتي، من مراعاة التخفيف على العجوز والشيخ الكبير، ومن التصريح في بعضها، بأن ذلك مثل هلم، وتعال.
[القول في القراءات السبع] والقائلون بأنها كانت سبعا اختلفوا على أقوال:
أحدها: أنه من المشكل الذي لا يدرى معناه; لأن العرب تسمى الكلمة المنظومة حرفا، وتسمى القصيدة بأسرها كلمة، والحرف يقع على المقطوع من الحروف المعجمة، والحرف أيضا المعنى والجهة. قاله أبو جعفر محمد بن سعدان النحوي.