ولو أمكنهم المعارضة لقصدوا تلك القصة وعبروا عنها بألفاظ لهم تؤدى إلى تلك المعاني ونحوها [وجعلوها بإزاء ما جاء به، وتوصلوا بذلك إلى تكذيبه وإلى مساواته فيما حكى وجاء به. وكيف وقد قال لهم: * (فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين) *] فعلى هذا هذا يكون المقصد - بتقديم بعض الكلمات على بعض وتأخيرها - إظهار الإعجاز [على الطريقين جميعا] دون السجع [الذي توهموه].
إلى أن قال: " فبان [بما قلنا] أن الحروف الواقعة في الفواصل مناسبة موقع النظائر التي تقع في الأسجاع، لا يخرجها عن حدها، ولا يدخلها في باب السجع. وقد بينا أنهم يذمون كل سجع خرج عن اعتدال الأجزاء; فكان بعض مصاريعه كلمتين، وبعضها يبلغ كلمات، ولا يرون ذلك فصاحة، بل يرونه عجزا، فلو فهموا اشتمال القرآن على السجع لقالوا: نحن نعارضه بسجع معتدل، فنزيد في الفصاحة على طريق القرآن، [ونتجاوز حده في البراعة والحسن]. انتهى ما ذكره القاضي والرماني.
رد عليهما الخفاجي " في كتاب سر الفصاحة " فقال: " وأما قول الرماني إن السجع عيب، والفواصل [على الإطلاق] بلاغة فغلط، فإنه إن أراد بالسجع ما يتبع المعنى، وكأنه غير مقصود فذلك بلاغة، والفواصل مثله. وإن أراد به ما تقع المعاني تابعة له، وهو مقصود متكلف، فذلك عيب، والفواصل مثله ".