والإمالة والتفخيم والإشمام والهمز والتليين والمد، وغير ذلك من وجوه اللغات إلى سبعة أوجه منها في الكلمة الواحدة; فإن الحرف هو الطرف والوجه; كما قال تعالى: * (ومن الناس من يعبد الله على حرف) *، أي على وجه واحد; وهو أن يعبده في السراء دون الضراء; وهذه الوجوه هي القراءات السبع التي قرأها القراء السبعة; فإنها كلها صحت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف، وهذه القراءات السبع اختيارات أولئك القراء; فإن كل واحد اختار فيما روى وعلم وجهه من القراءة ما هو الأحسن عنده والأولى، ولزم طريقة منها ورواها وقرأ بها، واشتهرت عنه ونسبت إليه; فقيل حرف نافع، وحرف ابن كثير. ولم يمنع واحد منهم حرف الآخر ولا أنكره، بل سوغه وحسنه; وكل واحد من هؤلاء السبعة روى عنه اختياران وأكثر; وكل صحيح.
وقد أجمع المسلمون في هذه الأعصار على الاعتماد على ما صح عنهم، وكان الإنزال على الأحرف السبعة توسعة من الله ورحمة على الأمة; إذا لو كلف كل فريق منهم ترك لغته والعدول عن عادة نشئوا عليها; من الإمالة، والهمز والتليين، والمد، وغيره لشق عليهم.
ويشهد لذلك ما رواه الترمذي عن أبي بن كعب أنه لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل فقال: " يا جبريل، إني بعثت إلى أمة أميين; منهم العجوز، والشيخ الكبير، والغلام، والجارية، والرجل الذي لم يقرأ كتابا قط; فقال: يا محمد، إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ". وقال: حسن صحيح.