كريب حدثنا يونس بن بكير عن قيس بن الربيع عن الأغر بن الصباح عن خليفة بن حصين عن أبي نصر الأسدي قال سئل ابن عباس كيف كان امتحان رسول الله صلى الله عليه وسلم النساء؟ قال كان يمتحنهن بالله ما خرجت من بغض زوج وبالله ما خرجت رغبة عن أرض إلى أرض وبالله ما خرجت التماس دنيا وبالله ما خرجت إلا حبا لله ولرسوله ثم رواه من وجه آخر عن الأغر بن الصباح به وكذا رواه البزار من طريقه وذكر فيه أن الذي كان يحلفهن عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم له عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقال العوفي عن ابن عباس في قوله تعالى " يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن " كان امتحانهن أن يشهدن أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله وقال مجاهد " فامتحنوهن " فاسألوهن عما جاء بهن فإن كان بهن غضب على أزواجهن أو سخطة أو غيره ولم يؤمن فارجعوهن إلى أزواجهن وقال عكرمة يقال لها ما جاء بك إلا حب الله ورسوله وما جاء بك عشق رجل منا ولا فرار من زوجك فذلك قوله " فامتحنوهن " وقال قتادة كانت محنتهن أن يستحلفن بالله ما أخرجكن النشوز وما أخرجكن إلا حب الاسلام وأهله وحرص عليه فإذا قلن ذلك قبل ذلك منهن. وقوله تعالى " فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار " فيه دلالة على أن الايمان يمكن الاطلاع عليه يقينا وقوله تعالى " لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن " هذه الآية هي التي حرمت المسلمات على المشركين وقد كان جائزا في ابتداء الاسلام أن يتزوج المشرك المؤمنة ولهذا كان أمر أبي العاص بن الربيع زوج ابنة النبي صلى الله عليه وسلم زينب رضي الله عنها وقد كانت مسلمة وهو على دين قومه فلما وقع في الأسارى يوم بدر بعثت امرأته زينب في فدائه بقلادة لها كانت لامها خديجة فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة وقال للمسلمين " إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها فافعلوا " ففعلوا فأطلقه رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يبعث ابنته إليه فوفي له بذلك وصدقه فيما وعده وبعثها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع زيد بن حارثة رضي الله عنه فأقامت بالمدينة من بعد وقعة بدر وكانت سنة اثنتين إلى أن أسلم زوجها أبو العاص بن الربيع سنة ثمان فردها عليه بالنكاح الأول ولم يحدث لها صداقا كما قال الإمام أحمد حدثنا يعقوب حدثنا أبي حدثنا ابن إسحاق حدثنا داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد ابنته زينب على أبي العاص وكانت هجرتها قبل إسلامه بست سنين على النكاح الأول ولم يحدث شهادة ولا صداقا ورواه أبو داود والترمذي وابن ماجة ومنهم من يقول بعد سنتين وهو صحيح لان إسلامه كان بعد تحريم المسلمات على المشركين بسنتين وقال الترمذي ليس بإسناده بأس ولا نعرف وجه هذا الحديث ولعله جاء من حفظ داود بن الحصين وسمعت عبد بن حميد يقول سمعت يزيد بن هارون يذكر عن ابن إسحاق هذا الحديث وحديث ابن الحجاج يعني ابن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد ابنته على أبي العاص بن الربيع بمهر جديد ونكاح جديد فقال يزيد حديث ابن عباس أجود إسنادا والعمل على حديث عمرو بن شعيب ثم قلت وقد روى حديث الحجاج ابن أرطاة عن عمرو بن شعيب الإمام أحمد والترمذي وابن ماجة وضعفه الإمام أحمد وغير واحد والله أعلم وأجاب الجمهور عن حديث ابن عباس بأن ذلك كان قضية عين يحتمل أنه لم تنقض عدتها منه لان الذي عليه الأكثرون أنها متى انقضت العدة ولم يسلم انفسخ نكاحها منه. وقال آخرون بل إذا انقضت العدة هي بالخيار إن شاءت أقامت على النكاح واستمرت وإن شاءت فسخته وذهبت فتزوجت وحملوا عليه حديث ابن عباس والله أعلم وقوله تعالى " وآتوهم ما أنفقوا " يعني أزواج المهاجرات من المشركين ادفعوا إليهم الذي غرموه عليهن من الاصدقة قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة والزهري وغير واحد وقوله تعالى " ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن " يعني إذا أعطيتموهن أصدقتهن فانكحوهن أي تزوجوهن بشرطه من انقضاء العدة والولي وغير ذلك وقوله تعالى " ولا تمسكوا بعصم الكوافر " تحريم من الله عز وجل على عباده المؤمنين نكاح المشركات والاستمرار معهن.
(٣٧٥)