يقول تعالى مسليا لنبيه صلى الله عليه وسلم في تكذيب من كذبه من قوله " واذكر أخا عاد " وهو هود عليه الصلاة والسلام بعثه الله عز وجل إلى عاد الأولى وكانوا يسكنون الأحقاف جمع حقف وهو الجبل من الرمل قاله ابن زيد وقال عكرمة الأحقاف الجبل والغار وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: الأحقاف واد بحضرموت يدعي برهوت تلقى فيه أرواح الكفار وقال قتادة ذكر لنا أن عادا كانوا حيا باليمن أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشحر. قال ابن ماجة " باب إذا دعا فليبدأ بنفسه " حدثنا الحسين بن علي على الخلال حدثنا أبي حدثنا زيد بن الحباب حدثنا سفيان حدثنا علي بن إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " يرحمنا الله وأخا عاد " وقوله تعالى " وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه " يعني وقد أرسل الله تعالى إلى من حول بلادهم في القرى مرسلين ومنذرين كقوله عز وجل " فجعلناها نكالا لما بين يديها وما خلفهما " وكقوله جل وعلا " فإن أعرضوا فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم ألا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم " أي قال لهم هود ذلك فأجابه قومه قائلين " أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا " أي لتصدنا عن آلهتنا " فائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين " استعجلوا عذاب الله وعقوبته استبعادا منهم وقوعه كقوله جلت عظمته " يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها " " قال إنما العلم عند الله " أي الله أعلم بكم إن كنتم مستحقين لتعجيل العذاب فسيفعل ذلك بكم وأما أنا فمن شأني أني أبلغكم ما أرسلت به " ولكني أراكم قوما تجهلون " أي لا تعقلون ولا تفهمون. قال الله تعالى " فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم " أي لما رأوا العذاب مستقبلهم اعتقدوا أنه عارض ممطر ففرحوا واستبشروا به وقد كانوا ممحلين محتاجين إلى المطر قال الله تعالى " بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم " أي هو العذاب الذي قلتم فائتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين " تدمر " أي تخرب " كل شئ " من بلادهم مما من شأنه الخراب " بأمر ربها " أي بإذن الله لها في ذلك كقوله سبحانه وتعالى " ما تذر من شئ أتت عليه إلا جعلته كالرميم " أي كالشئ البالي ولهذا قال عز وجل " فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم " أي قد بادوا كلهم عن آخرهم ولم تبق لهم باقية " كذلك نجزي القوم المجرمين " أي هذا حكمنا فيمن كذب رسلنا وخالف أمرنا وقد ورد حديث في قصتهم وهو غريب جدا من غرائب الحديث وأفراده قال الإمام أحمد حدثنا زيد بن الحباب حدثني أبو المنذر سلام بن سليمان النحوي قال حدثنا عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن الحارث البكري قال خرجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررت بالربذة فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها فقالت لي يا عبد الله:
إن لي إلى رسول الله حاجة فهل أنت مبلغي إليه؟ قال فحملتها فأتيت بها المدينة فإذا المسجد غاص بأهله وإذا راية سوداء تخفق وإذا بلال رضي الله عنه متقلدا السيف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ما شأن الناس؟ قالوا يريد أن يبعث عمرو بن العاص رضي الله عنه وجها قال فجلست فدخل منزله أو قال رحله فاستأذنت عليه فأذن لي فدخلت فسلمت فقال صلى الله عليه وسلم " هل كان بينكم وبين تميم شئ؟ " قلت نعم وكانت لنا الدائرة عليهم ومررت بعجوز من بني تميم منقطع بها فسألتني أن أحملها إليك فها هي بالباب فأذن لها فدخلت فقلت يا رسول الله إني رأيت أن تجعل بيننا وبين تميم حاجزا فاجعل الدهناء فحميت العجوز واستوفزت وقالت يا رسول الله فإلى أين يضطر مضطرك؟
قال: قلت إن مثلي ما قال الأول: معزى حملت حتفها حملت هذه ولا أشعر أنها كانت لي خصما أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد قال لي " وما وافد عاد؟ " وهو أعلم بالحديث منه ولكن يستطعمه قلت إن عادا قحطوا فبعثوا وفدا لهم يقال له قيل فمر بمعاوية بن بكر فأقام عنده شهرا يسقيه الخمر وتغنيه جاريتان يقال لهما الجرادتان فلما مضى الشهر خرج إلى جبال مهرة فقال اللهم إنك تعلم أني لم أجئ إلى مريض فأداويه ولا إلى أسير فأفاديه اللهم اسق عادا ما كنت تسقيه فمرت به سحابات سود فنودي منها اختر فأومأ إلى سحابة منها سوداء فنودي منها خذها رمادا رمددا لا تبقى من عاد أحدا قال فما بلغني أنه أرسل عليهم من الريح إلا قدر ما يجري