السادسة - وأما البغال فإنها تلحق بالحمير، إن قلنا إن الخيل لا تؤكل، فإنها تكون متولدة من عينين لا يؤكلان. وإن قلنا إن الخيل تؤكل، فإنها عين متولدة من مأكول وغير مأكول فغلب التحريم على ما يلزم في الأصول. وكذلك ذبح المولود بين كافرين أحدهما من أهل الذكاة والآخر ليس من أهلها، لا تكون ذكاة ولا تحل به الذبيحة. وقد مضى في " الانعام (1) " الكلام في تحريم الخمر فلا معنى للإعادة. وقد علل تحريم أكل الحمار بأنه أبدى جوهره الخبيث حيث نزا على ذكر وتلوط، فسمى رجسا.
السابعة - في الآية دليل على أن الخيل لا زكاة فيها، لان الله سبحانه من علينا بما أباحنا منها وكرمنا به من منافعها، فغير جائز أن يلزم فيها كلفة إلا بدليل. وقد روى مالك عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن عراك بن مالك عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة ". وروى أبو داود عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليس في الخيل والرقيق زكاة إلا زكاة الفطر في الرقيق ". وبه قال مالك والشافعي والأوزاعي والليث وأبو يوسف ومحمد. وقال أبو حنيفة: إن كانت إناثا كلها أو ذكورا وإناثا، ففي كل فرس دينار إذا كانت سائمة، وإن شاء قومها فأخرج عن كل مائتي درهم خمسة دراهم. واحتج بأثر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " في الخيل السائمة في كل فرس دينار " وبقوله صلى الله عليه وسلم:
" الخيل ثلاثة... " الحديث. وفيه: " ولم ينس حق الله في رقابها ولا ظهورها ".
والجواب عن الأول أنه حديث لم يروه إلا غورك (2) السعدي عن جعفر عن محمد عن أبيه عن جابر. قال الدارقطني، تفرد به غورك عن جعفر وهو ضعيف جدا، ومن دونه ضعفاء.
وأما الحديث فالحق المذكور فيه هو الخروج عليها إذا وقع النفير وتعين بها لقتال العدو إذا تعين " ذلك عليه، ويحمل المنقطعين عليها إذا احتاجوا لذلك، وهذا واجب عليه إذا تعين ذلك، كما يتعين عليه أن يطعمهم عند الضرورة، فهذه حقوق الله في رقابها. فإن قيل، هذا هو .