دل على أنها لم تدخل تحت لفظ الانعام. وقيل: دخلت ولكن أردها بالذكر لما يتعلق بها من الركوب، فإنه يكثر في الخيل والبغال والحمير.
الثانية - قال العلماء: ملكنا الله تعالى الانعام والدواب وذللها لنا، وأباح لنا تسخيرها والانتفاع بها رحمة منه تعالى لنا، وما ملكه الانسان وجاز له تسخيره من الحيوان فكراؤه له جائز بإجماع أهل العلم، لا اختلاف بينهم في ذلك. وحكم كراء الرواحل والدواب مذكور في كتب الفقه.
الثالثة - لا خلاف بين العلماء في اكتراء الدواب والرواحل عليها والسفر بها، لقوله تعالى: " وتحمل أثقالكم " الآية. وأجازوا أن يكرى الرجل الدابة والراحلة إلى مدينة بعينها وإن لم يسم أين ينزل منها، وكم من منهل (1) ينزل فيه، وكيف صفة سيره، وكم ينزل في طريقة، واجتروا بالمتعارف بين الناس في ذلك. قال علماؤنا: والكراء يجرى مجرى البيوع فيما يحل منه ويحرم. قال ابن القاسم فيمن اكترى دابة إلى موضع كذا بثوب مروى ولم يصف رقعته وذرعه: لم يجز، لان مالكا لم يجيز هذا في البيع، ولا يجيز في ثمن الكراء إلا ما يجوز في ثمن البيع.
قلت: ولا يختلف في هذا إن شاء الله، لان ذلك إجارة. قال ابن المنذر: وأجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن من اكترى دابة ليحمل عليها عشرة أقفزة قمح فحمل عليها ما اشترط فتلفت أن لا شئ عليه. وهكذا إن حمل عليها عشرة أقفزة شعير. واختلفوا فيمن اكترى دابة ليحمل عليها عشرة أقفزة فحمل عليها أحد عشر قفيزا، فكان الشافعي وأبو ثور يقولان: هو ضامن لقيمة الدابة وعليه الكراء. وقال ابن أبي ليلى: عليه قيمتها ولا أجر عليه. وفيه قول ثالث - وهو أن عليه الكراء وعليه جزء من أجر وجزء من قيمة الدابة بقدر ما زاد من الحمل، وهذا قول النعمان ويعقوب ومحمد. وقال ابن القاسم صاحب مالك: لا ضمان عليه في قول مالك إذا كان القفيز الزائد لا يفدح الدابة، ويعلم أن مثله