عفت ذات الأصابع فالجواء * إلى عذراء منزلها خلاء (1) ديار من بنى الحسحاس قفر * تعفيها الروامس والسماء (2) وكانت لا يزال بها أنيس * خلال مروجها نعم وشاء فالنعم هنا الإبل خاصة. وقال الجوهري: والنعم واحد الانعام وهي المال الراعية، وأكثر ما يقع هذا الاسم على الإبل. قال الفراء: هو ذكر لا يؤنث، يقولون: هذا نعم وارد، ويجمع على نعمان مثل حمل وحملان. والانعام تذكر وتؤنث، قال الله تعالى: " مما في بطونه (3) ".
وفى موضع " مما في بطونها (4) ". وانتصب الانعام عطفا على الانسان، أو بفعل مقتدر، وهو أوجه.
الثانية - قوله تعالى: (دف ء) الدف ء: السخانة، وهو ما استدفئ به من أصوافها وأوبارها وأشعارها، ملابس ولحف وقطف (5). وروى عن ابن عباس: دفؤها نسلها، والله أعلم.
قال الجوهري في الصحاح: الدف ء نتاج الإبل وألبانها وما ينتفع به منها، قال الله تعالى:
" لكم فيها دف ء ". وفى الحديث " لنا من دفئهم ما سلموا بالميثاق ". والدف ء أيضا:
السخونة، تقول منه: دفئ الرجل دفاءة مثل كره كراهة. وكذلك دفئ دفأ مثل ظمئ ظمأ. والاسم الدف ء (بالكسر) وهو الشئ الذي يدفئك، والجمع الادفاء. تقول: ما عليه دف ء، لأنه اسم. ولا تقول: ما عليك دفاءة، لأنه مصدر. وتقول: اقعد في دف ء هذا الحائط أي كنه. ورجل دفئ على فعل إذا لبس ما يدفئه. وكذلك رجل دفآن وامرأة دفأى. وقد أدفأه الثوب وتدفأ هو بالثوب واستدفأ به، وأدفأ به وهو افتعل، أي ما لبس ما يدفئه. ودفؤت ليلتنا، ويوم دفئ على فعيل وليلة دفيئة، وكذلك الثوب والبيت.
والمدفئة الإبل الكثيرة، لان بعضها يدفئ بعضا بأنفاسها، وقد يشدد. والمدفأة الإبل الكثيرة الأوبار والشحوم، عن الأصمعي. وأنشد الشماخ:
وكيف يضيع صاحب مدفآت * على أثباجهن من الصقيع (6)