عنا هذه الجبال التي قد ضيقت علينا، وليبسط لنا بلادنا وليخرق لنا فيها أنهارا كأنهار الشام، وليبعث لنا من مضى من آبائنا، وليكن فيمن يبعث لنا قصي بن كلاب، فإنه كان شيخ صدق فنسألهم عما تقول، أحق هو أم باطل، فإن صدقوك وصنعت ما سألناك صدقناك، وعرفنا به منزلتك من الله تعالى، وأنه بعثك رسولا كما تقول. فقال لهم صلوات الله عليه وسلامه: " ما بهذا بعثت إليكم إنما جئتكم من الله تعالى بما بعثني به وقد بلغتكم ما أرسلت به إليكم فإن تقبلوه فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه على أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم ". قالوا:
فإذا لم تفعل هذا لنا فخذ لنفسك! سل ربك أن يبعث معك ملكا يصدقك بما تقول ويراجعنا عنك، وأسأله فليجعل لك جنانا وقصورا وكنوزا من ذهب وفضة يغنيك بها عما نراك تبتغى، فإنك تقوم بالأسواق وتلتمس المعاش كما نلتمس، حتى نعرف فضلك ومنزلتك من ربك إن كنت رسولا كما تزعم. فقال لهم رسول الله: " ما أنا بفاعل وما أنا بالذي يسأل ربه هذا وما بعثت بهذا إليكم ولكن الله بعثني بشيرا ونذيرا - أو كما قال - فإن تقبلوا منى ما جئتكم به فهو حظكم في الدنيا والآخرة وإن تردوه على أصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم " قالوا: فأسقط السماء علينا كسفا كما زعمت أن ربك إن شاء فعل، فإنا لن نؤمن لك إلا أن تفعل. قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ذلك إلى الله عز وجل إن شاء أن يفعله بكم فعل " قالوا: يا محمد، فما علم ربك أنا سنجلس معك ونسألك عما سألنا عنه ونطلب منك ما نطلب، فيتقدم إليك فيعلمك بما تراجعنا به، ويخبرك (1) ما هو صانع في ذلك بنا إذ لم نقبل منك ما جئتنا به. إنه قد بلغنا إنما يعلمك هذا رجل من اليمامة يقال له الرحمن، وإنا والله لا نؤمن بالرحمن أبدا، فقد أعذرنا إليك يا محمد، وإنا والله لا نتركك وما بلغت منا حتى نهلكك أو تهلكنا. وقال قائلهم: نحن نعبد الملائكة وهي بنات الله. وقال قائلهم: لن نؤمن لك حتى تأتى بالله والملائكة قبيلا. فلما قالوا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قام عنهم وقام معه عبد الله بن أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وهو ابن عمته، هو لعاتكة بنت عبد المطلب، فقال له: يا محمد عرض عليك