قومك ما عرضوا فلم تقبله منهم، ثم سألوك لأنفسهم أمورا ليعرفوا بها منزلتك من الله كما تقول، ويصدقوك ويتبعوك فلم تفعل ثم سألوك أن تأخذ لنفسك ما يعرفون به فضلك عليهم ومنزلتك من الله فلم تفعل ثم سألوك أن تعجل لهم بعض ما تخوفهم به من العذاب فلم تفعل - أو كما قال له - فوالله لا أؤمن بك أبدا حتى تتخذ إلى السماء سلما، ثم ترقى فيه وأنا أنظر حتى تأتيها، ثم تأتى معك بصك معه أربعة من الملائكة يشهدون لك أنك كما تقول.
وأيم الله لو فعلت ذلك ما ظننت أنى أصدقك ثم انصرف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله حزينا أسفا لما فاته مما كان يطمع به من قومه حين دعوه، ولما رأى من مباعدتهم إياه، كله لفظ ابن إسحاق. وذكر الواحدي عن عكرمة عن ابن عباس: فأنزل الله تعالى: (وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعا) ". " ينبوعا " يعنى العيون، عن مجاهد. وهي يفعول، من نبع ينبع. وقرأ عاصم وحمزة والكسائي " تفجر لنا " مخففة، واختاره أبو حاتم لان الينبوع واحد. ولم يختلفوا في تفجر الأنهار أنه مشدد. قال أبو عبيد: والأولى مثلها. قال أبو حاتم. ليست مثلها، لان الأولى بعدها ينبوع وهو واحد، والثانية بعدها الأنهار وهي جمع، والتشديد يدل على التكثير. أجيب بأن " ينبوعا " وإن كان واحدا فالمراد به الجمع، كما قال مجاهد. الينبوع عين الماء، والجمع الينابيع. وقرأ قتادة " أو يكون لك جنة ". (خلالها) أي وسطها.
(أو تسقط السماء) قراءة العامة. وقرأ مجاهد " أو يسقط السماء " على إسناد الفعل إلى السماء. (كسفا) قطعا، عن ابن عباس وغيره. والكسف (بفتح السين) جمع كسفة، وهي قراءة نافع وابن عامر وعاصم. الباقون " كسفا " بإسكان السين. قال الأخفش: من قرأ كسفا من السماء جعله واحدا، ومن قرأ كسفا جعله جمعا. قال المهدوي: ومن أسكن السين جاز أن يكون جمع كسفة وجاز أن يكون مصدرا، من كسفت الشئ إذا غطيته.
فكأنهم قالوا: أسقطها طبقا علينا. وقال الجوهري. الكسفة القطعة من الشئ، يقال:
أعطني كسفة من ثوبك، والجمع كسف وكسف. ويقال: الكسفة واحد.