(أو تأتى بالله والملائكة قبيلا) أي معاينة، عن قتادة وابن جريج. وقال الضحاك وابن عباس: كفيلا. قال مقاتل: شهيدا. مجاهد: هو جمع القبيلة، أي بأصناف الملائكة قبيلة قبيلة. وقيل: ضمناء يضمنون لنا إتيانك به. (أو يكون لك بيت من زخرف) أي من ذهب، عن ابن عباس وغيره. وأصله الزينة. والمزخرف المزين. وزخارف الماء طرائقه. وقال مجاهد: كنت لا أدرى ما الزخرف حتى رأيته في قراءة ابن مسعود " بيت من ذهب " أي نحن لا ننقاد لك مع هذا الفقر الذي نرى. (أو ترقى في السماء) أي تصعد، يقال: رقيت في السلم أرقي رقيا ورقيا إذا صعدت. وارتقيت مثله. (ولن نؤمن لرقيك) أي من أجل رقيك، وهو مصدر، نحو مضى يمضى مضيا، وهوى يهوى هويا، كذلك رقى يرقى رقيا. (حتى تنزل علينا كتابا نقرؤه) أي كتابا من الله تعالى إلى كل رجل منا، كما قال تعالى: " بل يريد كل امرئ منهم أن يؤتى صحفا منشرة (1) ". (قل سبحان ربى) وقرأ أهل مكة والشام " قال سبحان ربى " يعنى النبي صلى الله عليه وسلم، أي قال ذلك تنزيها لله عز وجل عن أن يعجز عن شئ وعن أن يعترض عليه في فعل. وقيل: هذا كله تعجب عن فرط كفرهم واقتراحاتهم. الباقون " قل " على الامر، أي قل لهم يا محمد (هل كنت) أي ما أنا (إلا بشرا رسولا) اتبع ما يوحى إلى من ربى، ويفعل الله ما يشاء من هذه الأشياء التي ليست في قدرة البشر، فهل سمعتم أحدا من البشر أتى بهذه الآيات وقال بعض الملحدين:
ليس هذا جوابا مقنعا، وغلطوا، لأنه أجابهم فقال: إنما أنا بشر لا أقدر على شئ مما سألتموني، وليس لي أن أتخير على ربى، ولم تكن الرسل قبلي يأتون أممهم بكل ما يريدونه ويبغونه، وسبيلي سبيلهم، وكانوا يقتصرون على ما آتاهم الله من آياته الدالة على صحة نبوتهم، فإذا أقاموا عليهم الحجة لم يجب لقومهم أن يقترحوا غيرها، ولو وجب على الله أن يأتيهم بكل ما يقترحونه من الآيات لوجب عليه أن يأتيهم بمن يختارونه من الرسل، ولوجب لكل إنسان أن يقول:
لا أو من حتى أوتى بآية خلاف ما طلب غيري. وهذا يؤول إلى أن يكون التدبير إلى الناس، وإنما التدبير إلى الله تعالى.