ألا زارت أهل منى هجود * وليت خيالها بمنى يعود آخر:
ألا طرقتنا والرفاق هجود * فباتت بعلات (1) النوال تجود يعنى نياما. وهجد وتهجد بمعنى. وهجدته أي أنمته، وهجدته أي أيقظته. والتهجد التيقظ بعد رقدة، فصار اسما للصلاة، لأنه ينتبه لها. فالتهجد القيام إلى الصلاة من النوم. قال معناه الأسود وعلقمة وعبد الرحمن بن الأسود وغيرهم. وروى إسماعيل بن إسحاق القاضي من حديث الحجاج بن عمر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أيحسب أحدكم إذا قام من الليل كله أنه قد تهجد! إنما التهجد الصلاة بعد رقدة ثم الصلاة بعد رقدة ثم الصلاة بعد رقدة. كذلك كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقيل: الهجود النوم. يقال:
تهجد الرجل إذا سهر، وألقى الهجود وهو النوم. ويسمى من قام إلى الصلاة متهجدا، لان المتهجد هو الذي يلقى الهجود الذي هو النوم عن نفسه. وهذا الفعل جار مجرى تحوب وتحرج وتأثم وتحنث وتقذر وتنجس، إذا ألقى ذلك عن نفسه. ومثله قوله تعالى: " فظلتم تفكهون (2) " معناه تندمون، أي تطرحون الفكاهة عن أنفسكم، وهي انبساط النفوس وسرورها. يقال: رجل فكه إذا كان كثير السرور والضحك. والمعنى في الآية: ووقتا من الليل اسهرته في صلاة وقراءة.
الثانية - قوله تعالى: (نافلة لك) أي كرامة لك، قاله مقاتل. واختلف العلماء في تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم بالذكر دون أمته، فقيل: كانت صلاة الليل فريضة عليه لقوله: " نافلة لك " أي فريضة زائدة على الفريضة الموظفة على الأمة.
قلت: وفى هذا التأويل بعد لوجهين: أحدهما - تسمية الفرض بالنفل، وذلك مجاز لا حقيقة. الثاني - قوله صلى الله عليه وسلم: " خمس صلوات فرضهن الله على العباد "، وقوله تعالى: " هن خمس وهن خمسون لا يبدل القول لدى " وهذا نص، فكيف يقال:
افترض عليه صلاة زائدة على خمس، هذا ما لا يصح، وإن كان قد روى عنه عليه السلام:
"