بن حي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود، لان وقت الغروب إلى الشفق غسق كله. ولحديث أبى موسى، وفيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بالسائل المغرب في اليوم الثاني فأخر حتى كان سقوط الشفق. خرجه مسلم. قالوا: وهذا أولى من أخبار إمامة جبريل، لأنه متأخر بالمدنية وإمامة جبريل بمكة، والمتأخر أولى من فعله وأمره، لأنه ناسخ لما قبله.
وزعم ابن العربي أن هذا القول هو المشهور من مذهب مالك، وقوله في موطئه الذي أقرأه طول عمره وأملاه في حياته.
والنكتة في هذا أن الأحكام المتعلقة بالأسماء هل تتعلق بأوائلها أو بآخرها أو يرتبط الحكم بجميعها؟ والأقوى في النظر أن يرتبط الحكم بأوائلها لئلا يكون ذكرها لغوا فإذا ارتبط بأوائلها جرى بعد ذلك النظر في تعلقه بالكل إلى الآخر.
قلت: القول بالتوسعة أرجح. وقد خرج الامام الحافظ أبو محمد عبد الغنى بن سعيد من حديث الأجلح بن عبد الله الكندي عن أبي الزبير عن جابر قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة قريبا من غروب الشمس فلم يصل المغرب حتى أتى سرف، وذلك تسعة أميال. وأما القول بالنسخ فليس بالبين وإن كان التاريخ معلوما، فإن الجمع ممكن. قال علماؤنا: تحمل أحاديث جبريل على الأفضلية في وقت المغرب، ولذلك اتفقت الأمة فيها على تعجيلها والمبادرة إليها في حين غروب الشمس. قال ابن خويز منداد: ولا نعلم أحدا من المسلمين تأخر بإقامة المغرب في مسجد جماعة عن وقت غروب الشمس. وأحاديث التوسعة تبين وقت الجواز، فيرتفع التعارض ويصح الجمع، وهو أولى من الترجيح باتفاق الأصوليين، لان فيه إعمال كل واحد من الدليلين، والقول بالنسخ أو الترجيح فيه إسقاط أحدهما. والله أعلم.
الرابعة - قوله تعالى: (وقرآن الفجر) انتصب " قرآن " من وجهين: أحدهما أن يكون معطوفا على الصلاة، المعنى: وأقم قرآن الفجر أي صلاة الصبح، قاله الفراء. وقال أهل البصرة. انتصب على الاغراء، أي فعليك بقرآن الفجر، قال الزجاج. وعبر عنها بالقرآن