قال ابن عطية: الدلوك هو الميل - في اللغة - فأول الدلوك هو الزوال وآخره هو الغروب. ومن وقت الزوال إلى الغروب يسمى دلوكا، لأنها في حالة ميل. فذكر الله تعالى الصلوات التي تكون في حالة الدلوك وعنده، فيدخل في ذلك الظهر والعصر والمغرب، ويصح أن تكون المغرب داخلة في غسق الليل. وقد ذهب قوم إلى أن صلاة الظهر يتمادى وقتها من الزوال إلى الغروب، لأنه سبحانه علق وجوبها على الدلوك، وهذا دلوك كله، قاله الأوزاعي وأبو حنيفة في تفصيل. وأشار إليه مالك والشافعي في حالة الضرورة.
الثانية - قوله تعالى: (إلى غسق الليل) روى مالك عن ابن عباس قال: دلوك الشمس ميلها، وغسق الليل اجتماع الليل وظلمته. وقال أبو عبيدة: الغسق سواد الليل.
قال ابن قيس الرقيات:
إن هذا الليل قد غسقا * واشتكيت الهم والأرقا وقد قيل: غسق الليل مغيب الشفق. وقيل: إقبال ظلمته. قال زهير:
ظلت تجود يدها وهي لاهية * حتى إذا جنح الاظلام والغسق يقال: غسق الليل غسوقا. والغسق اسم بفتح السين. وأصل الكلمة من السيلان، يقال:
غسقت العين إذا سالت، تغسق. وغسق الجرح غسقانا، أي سال منه ماء أصفر. وأغسق المؤذن، أي أخر المغرب إلى غسق الليل. وحكى الفراء: غسق الليل وأغسق، وظلم أظلم، ودجا وأدجى، وغبس وأغبس، وغبش وأغبش. وكان الربيع بن خثيم (1) يقول لمؤذنه في يوم غيم: أغسق أغسق. يقول: أخر المغرب حتى يغسق الليل، وهو إظلامه.
الثالثة - اختلف العلماء في آخر وقت المغرب، فقيل: وقتها وقت واحد لا وقت لها إلا حين تحجب الشمس، وذلك بين في إمامة جبريل، فإنه صلاها باليومين لوقت واحد وذلك غروب الشمس، وهو الظاهر من مذهب مالك عند أصحابه. وهو أحد قولي الشافعي في المشهور عنه أيضا وبه قال الثوري. وقال مالك في الموطأ: فإذا غاب الشفق فقد خرجت من وقت المغرب ودخل وقت العشاء. وبهذا قال أبو حنيفة وأصحابه والحسن