لقول الشافعي أن لفظ الاستثناء يستعمل في الجنس وغير الجنس، قال الله تعالى: " لا يسمعون فيها لغوا ولا تأثيما. إلا قيلا سلاما (1) سلاما " فاستثنى السلام من جملة اللغو. ومثله " فسجد الملائكة كلهم أجمعون. إلا إبليس " وإبليس من جملة الملائكة، قال الله تعالى:
" إلا إبليس كان من الجن ففسق عن أمر (2) ربه ". وقال الشاعر:
وبلدة ليس بها أنيس * إلا اليعافير وإلا العيس فاستثنى اليعافير وهي ذكور الظباء، والعيس وهي الجمال البيض من الأنيس، ومثله قول النابغة (3):
حلفت يمينا غير ذي مثنوية * ولا علم إلا حسن ظن بصاحب قوله تعالى: قال يا إبليس مالك ألا تكون مع الساجدين (32) قال لم أكن لأسجد لبشر خلقته من صلصل من حما مسنون (33) قال فاخرج منها فإنك رجيم (34) وإن عليك اللعنة إلى يوم الدين (35) قوله تعالى:
(قال يا إبليس مالك) أي ما المانع لك. (ألا تكون مع الساجدين) أي في ألا تكون. (قال لم أكن لأسجد لبسر خلقته من صلصال من حما مسموم) بين تكبره وحسده، وأنه خير منه، إذ هو من نار والنار تأكل الطين، كما تقدم في " الأعراف (4) " بيانه. (قال فاخرج منها) أي من السماوات، أو من جنة عدن، أو من جملة الملائكة.
(فإنك رجيم) أي مرجوم بالشهب. وقيل: ملعون مشئوم. وقد تقدم هذا كله مستوفى في البقرة والأعراف. (وإن عليك اللعنة) أي لعنتي، كما في سورة " ص (5) ".