قوله تعالى: * (قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون (36) قال فإنك من المنظرين (37) إلى يوم الوقت المعلوم (38)) * قوله تعالى: (قال رب فأنظرني إلى يوم يبعثون) هذا السؤال من إبليس لم يكن عن ثقته منه بمنزلته عند الله تعالى، وأنه أهل أن يجاب له دعاء، ولكن سأل تأخير عذابه زيادة في بلائه، كفعل الآيس من السلامة. وأراد بسؤاله الانظار إلى يوم يبعثون: أجلا يموت، لان يوم البعث لا موت فيه ولا بعده. يعنى من المؤجلين. قال ابن عباس: (أراد به النفخة الأولى)، أي حين تموت الخلائق. وقيل: الوقت المعلوم الذي استأثر الله بعلمه، ويجهله إبليس. فيموت إبليس ثم يبعث، قال الله تعالى: " كل من عليها فان (1) ". وفى كلام الله تعالى له قولان:
أحدهما - كلمه على لسان رسوله. الثاني - كلمه تغليظا في الوعيد لا على وجه التكرمة والتقريب.
قوله تعالى: قال رب بما أغويتني لأزينن لهم الأرض ولأغوينهم أجمعين (39) قوله تعالى: (قال رب بما أغويتهم لأزينن لهم في الأرض) تقدم معنى الاغواء والزينة في الأعراف (3). وتزيينه هنا يكون بوجهين: إما بفعل المعاصي، وإما بشغلهم بزينة الدنيا عن فعل الطاعة. ومعنى: (لأغوينهم أجمعين) أي لأضلنهم عن طريق الهدى.
وروى ابن لهيعة عبد الله عن دراج أبى السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن إبليس قال يا رب وعزتك وجلالك لا أزال أغوى بني آدم ما دامت أرواحهم في أجسامهم فقال الرب وعزتي وجلالي لا أزال أغفر لهم ما استغفروني ".