في " الأعراف (1) " وسورة " هود (2) " بما فيه كفاية. (قدرنا إنها لمن الغابرين) أي قضينا وكتبنا إنها لمن الباقين في العذاب. والغابر: الباقي.
قال (3):
لا تكسع الشول بأغبارها * إنك لا تدرى من الناتج الأغبار بقايا اللبن. وقرأ أبو بكر والمفضل " قدرنا " بالتخفيف هنا وفى النمل (4)، وشدد الباقون. الهروي: يقال قدر وقدر، بمعنى.
الثانية - لا خلاف بين أهل اللسان وغيرهم أن الاستثناء من النفي إثبات ومن الاثبات نفى، فإذا قال رجل: له على عشرة دراهم إلا أربعة إلا درهما، ثبت الاقرار بسبعة، لان الدرهم مستثنى من الأربعة، وهو مثبت لأنه مستثنى من منفى، وكانت الأربعة منفية لأنها مستثناة من موجب وهو العشرة، فعاد الدرهم إلى الستة فصارت سبعة. وكذلك لو قال: على خمسة دراهم إلا درهما إلا ثلثيه، كان عليه أربعة دراهم وثلث. وكذلك إذا قال: لفلان على عشرة إلا تسعة إلا ثمانية إلا سبعة، كان الاستثناء الثاني راجعا إلى ما قبله، والثالث إلى الثاني فيكون عليه درهمان، لان العشرة إثبات والثمانية إثبات فيكون مجموعها ثمانية عشر. والتسعة نفى والسبعة نفى فيكون ستة عشر تسقط من ثمانية عشر ويبقى درهمان، وهو القدر الواجب بالاقرار لا غير. فقوله سبحانه: " إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين. إلا آل لوط إنا لمنجوهم أجمعين. إلا امرأته " فاستثنى آل لوط من القوم المجرمين، ثم قال:
" إلا امرأته " فاستثناها من آل لوط، فرجعت في التأويل إلى القوم المجرمين كما بينا. وهكذا الحكم في الطلاق، لو قال لزوجته: أنت طالق ثلاثا إلا اثنتين إلا واحدة طلقت اثنتين، لان الواحدة رجعت إلى الباقي من المستثنى منه وهي الثلاث. وكذا كل ما جاء من هذا فتفهمه.