تفسير القرطبي - القرطبي - ج ١٠ - الصفحة ٢٢
فجعل صلصالا كالفخار. ومثله قول مجاهد وقتادة، قالا: المنتن المتغير، من قولهم: قد أسن الماء إذا تغير، ومنه " يتسنه (1) " و " ماء غير آسن (2) ". ومنه قول أبى قيس بن الأسلت:
سقت صداي رضابا غير ذي أسن * كالمسك فت على ماء العناقيد وقال الفراء: هو المتغير، وأصله من قولهم: سننت الحجر على الحجر إذا حككته به. وما يخرج من الحجرين يقال له: السنانة والسنين، ومنه المسن. قال الشاعر:
ثم خاصرتها إلى القبة الحمراء * (3) تمشى تمشى في مرمر مسنون أي محكوك مملس. حكى أن يزيد بن معاوية قال لأبيه: ألا ترى عبد الرحمن بن حسان يشبب بابنتك. فقال معاوية: وما قال؟ فقال قال:
هي زهراء مثل لؤلؤة الغواص * ميزت من جوهر مكنون * فقال معاوية: صدق! فقال يزيد [إنه يقول (4)]:
وإذا ما نسبتها لم تجدها * في سناء من المكارم دون فقال: صدق! فقال: أين قوله: ثم خاصرتها... البيت. فقال معاوية: كذب. وقال أبو عبيدة: المسنون المصبوب، وهو من قول العرب: سننت الماء وغيره على الوجه إذا صببته. والسن الصب. وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: المسنون الرطب، وهذا بمعنى المصبوب، لأنه لا يكون مصبوبا إلا وهو رطب. النحاس: وهذا قول حسن، لأنه يقال: سننت الشئ أي صببته. قال أبو عمرو بن العلاء: ومنه الأثر المروى عن عمر (5) أنه كان يسن الماء على وجهه ولا يشنه. والشن (بالشين) تفريق الماء، وبالسين المهملة صبه من غير تفريق. وقال سيبويه: المسنون المصور. أخذ من سنة الوجه وهو صورته. وقال ذو الرمة:
تريك سنة وجه مفرقة * ملساء ليس بها خال ولا ندب (6)

(1) راجع ج 3 ص 288 (2) راجع ج 16 ص 236 (3) في السان: الخضراء.
(4) الزيادة عن السان.
(5) في نهاية ابن الأثير: " ابن عمر ".
(6) السنة: الصورة. والمقرفة: التي دنت من الهجينة. والندب: الأثر من الجراح والقراخ. وقوله:
غير مقرنة، أي غير هجينة، عفيفة كريمة. خال: شامة، وندب: أثر الجرح.
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست