الثالثة - قال الإمام أبو عبد الله المازري: كانت الجاهلية تقدح في نسب أسامة لكونه أسود شديد السواد، وكان زيد أبوه أبيض القطن، هكذا ذكره أبو داود عن أحمد بن صالح. قال القاضي عياض: وقال غير أحمد كان زيد أزهر اللون، وكان أسامة شديد الأدمة، وزيد بن حارثة عربي صريح من كلب، أصابه سباء، حسبما يأتي في سورة " الأحزاب (1) " إن شاء الله تعالى.
الرابعة - استدل جمهور العلماء على الرجوع إلى القافة عند التنازع في الولد، بسرور النبي صلى الله عليه وسلم بقول هذا القائف، وما كان عليه السلام بالذي يسر بالباطل ولا يعجبه . ولم يأخذ بذلك أبو حنيفة وإسحاق والثوري وأصحابهم متمسكين بإلغاء النبي صلى الله عليه وسلم الشبه في حديث اللعان، على ما يأتي في سورة " النور (2) " إن شاء الله تعالى.
الخامسة - واختلف الآخذون بأقوال القافة، هل يؤخذ بذلك في أولاد الحرائر والإماء أو يختص بأولاد الإماء، على قولين، فالأول: قول الشافعي ومالك رضي الله عنهما في رواية ابن وهب عنه، ومشهور مذهبه قصره على ولد الأمة. والصحيح ما رواه ابن وهب عنه وقال الشافعي رضي الله عنه، لان الحديث الذي هو الأصل في الباب إنما وقع في الحرائر، فإن أسامة وأباه حران فكيف يلغى السبب الذي خرج عليه دليل الحكم وهو الباعث عليه، هذا مما لا يجوز عند الأصوليين. وكذلك اختلف هؤلاء، هل يكتفى بقول واحد من القافة أو لا بد من اثنين لأنها شهادة، وبالأول قال ابن القاسم وهو ظاهر الخبر بل نصه. وبالثاني قال مالك والشافعي رضي الله عنهما.
السادسة - قوله تعالى: (إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) أي يسأل كل واحد منهم عما اكتسب، فالفؤاد يسأل عما افتكر فيه وأعتقده، والسمع والبصر عما رأس من ذلك وسمع. وقيل: المعنى أن الله سبحانه وتعالى يسأل الانسان عما حواه سمعه وبصره وفؤاده، ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم: " كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته "