وقال الأخفش: أي ولا يحقنكم. وقال أبو عبيدة والفراء: معنى " لا يجر منكم " أي لا يكسبنكم بغض قوم أن تعتدوا الحق إلى الباطل، والعدل إلى الظلم، قال عليه السلام:
(أد الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك) وقد مضى القول في هذا. ونظير هذه الآية " فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم " [البقرة: 194] وقد تقدم مستوفى (1). ويقال: فلان جريمة أهله أي كاسبهم، فالجريمة والجارم بمعنى الكاسب. وأجرم فلان أي أكتسب الاثم.
ومنه قول الشاعر: (2) جريمة ناهض في رأس نيق * ترى لعظام ما جمعت صليبا معناه كاسب قوت، والصليب الودك (3)، وهذا هو الأصل في بناء ج ر م. قال ابن فارس:
يقال جرم وأجرم، ولا جرم بمنزلة قولك: لا بد ولا محالة، وأصلها من جرم أي أكتسب، قال:
* جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا * وقال أخر:
يا أيها المشتكي عكلا (4) وما جرمت * إلى القبائل من قتل وإباس ويقال: جرم يجرم جرما إذا قطع، قال الرماني علي بن عيسى: وهو الأصل، فجرم بمعنى حمل على الشئ لقطعه من غيره، وجرم بمعنى كسب لانقطاعه إلى الكسب، وجرم بمعنى حق لان الحق يقطع عليه. وقال الخليل: " لا جرم أن لهم النار " (5) [النحل: 62] لقد حق أن لهم العذاب.
وقال الكسائي: جرم وأجرم لغتان بمعنى واحد، أي أكتسب. وقرأ ابن مسعود " يجر منكم " بضم الياء، والمعنى أيضا لا يكسبنكم، ولا يعرف البصريون الضم، وإنما يقولون: جرم لا غير.
والشنآن البغض. وقرئ بفتح النون وإسكانها، يقال: شنئت الرجل أشنؤه شنأ وشنأة وشنآنا