فغاضب قدامة عمر وهجره، فحجا وقدامة مهاجر لعمر حتى قفلوا عن حجهم ونزل عمر بالسقيا (1) ونام بها فلما استيقظ عمر قال: عجلوا علي بقدامة، انطلقوا فأتوني به، فوالله لأرى في النوم أنه جاءني آت فقال: سالم قدامة فإنه أخوك، فلما جاءوا قدامة أبى أن يأتيه، فأمر عمر بقدامة أن يجر إليه جرا حتى كلمه عمر واستغفر له، فكان أول صلحهما. قال أيوب ابن أبي تميمة: لم يحد أحد من أهل بدر في الخمر غيره. قال ابن العربي: فهذا يدلك على تأويل الآية، وما ذكر فيه عن ابن عباس من حديث الدارقطني، وعمر في حديث البرقاني وهو صحيح، وبسطه أنه لو كان من شرب الخمر واتقى الله في غيره ما حد على الخمر أحد، فكان هذا من أفسد تأويل، وقد خفي على قدامة، وعرفه من وفقه الله كعمر وابن عباس رضي الله عنهما، قال الشاعر:
وإن حراما لا أرى الدهر باكيا * على شجوه إلا بكيت على عمر وروي عن علي [رضي الله (3) عنه] أن قوما شربوا بالشام وقالوا: هي لنا حلال وتأولوا هذه الآية، فأجمع علي وعمر على أن يستتابوا، فإن تابوا وإلا قتلوا، ذكره الكيا الطبري.
قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا ليبلونكم الله بشئ من الصيد تناله أيديكم ورماحكم ليعلم الله من يخافه بالغيب فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب أليم (94) فيه ثماني مسائل الأولى: قوله تعالى: " ليبلونكم الله " أي ليختبرنكم، والابتلاء الاختبار. وكان الصيد أحد معايش العرب العاربة، وشائعا عند الجميع منهم، مستعملا جدا، فابتلاهم الله فيه مع الاحرام والحرم، كما ابتلى بني إسرائيل في ألا يعتدوا في السبت. وقيل: إنها نزلت عام الحديبية، أحرم بعض الناس مع النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحرم بعضهم، فكان إذا عرض