كلها والشرطين المذكورين أولى وأثبت معنى في الآية مما يصلح لبعض الكلام دون بعض.
خرج مسلم [من غير طريق] (1) عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قوله عز وجل في إبراهيم " رب إنهن أضللن كثيرا من الناس فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم " (2) [إبراهيم: 36] وقال عيسى عليه السلام: " إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " فرفع يديه وقال: (اللهم أمتي) وبكى فقال الله عز وجل:
(يا جبريل اذهب إلى محمد - وربك أعلم - فسله ما يبكيك " فأتاه جبريل عليه السلام فسأله فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال - وهو أعلم - فقال الله: يا جبريل اذهب إلى محمد فقل [له] (3) إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك) وقال بعضهم: في الآية تقديم وتأخير ومعناه إن تعذبهم فإنك أنت العزيز الحكيم وإن تغفر لهم فإنهم عبادك ووجه الكلام على نسقه أولى لما بيناه. وبالله التوفيق قوله تعالى: قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا رضي الله عنهم ورضوا عنه ذلك الفوز العظيم (119) قوله تعالى: (قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم) أي صدقهم في الدنيا فأما في الآخرة فلا ينفع فيها الصدق وصدقهم في الدنيا يحتمل أن يكون صدقهم في العمل لله ويحتمل أن يكون تركهم الكذب عليه وعلى رسله، وإنما ينفعهم الصدق في ذلك اليوم وإن كان نافعا في كل الأيام لوقوع الجزاء فيه. وقيل: المراد صدقهم في الآخرة وذلك في الشهادة لأنبيائهم بالبلاغ وفيما شهدوا به على أنفسهم من أعمالهم ويكون وجه النفع فيه أن يكفوا المؤاخذة بتركهم كتم الشهادة فيغفر لهم بإقرارهم لأنبيائهم وعلى أنفسهم والله أعلم.
وقرأ نافع وابن محيصن " يوم " بالنصب. ورفع الباقون وهي القراءة البينة على الابتداء والخبر