(لا ريب فيه) لا شك فيه. (الذين خسروا أنفسهم فهم لا يؤمنون) ابتداء وخبر، قاله الزجاج، وهو أجود ما قيل فيه، تقول: الذي يكرمني فله درهم، فالفاء تتضمن معنى الشرط والجزاء. وقال الأخفش: إن شئت كان (الذين) في موضع نصب على البدل من الكاف والميم في (ليجمعنكم) أي ليجمعن المشركين الذين خسروا أنفسهم، وأنكره المبرد وزعم أنه خطأ، لأنه لا يبدل من المخاطب ولا من المخاطب، لا يقال: مررت بك زيد ولا مررت بي زيد لان هذا لا يشكل فيبين. قال القتبي: يجوز أن يكون (الذين) جزاء على البدل من (المكذبين) الذين تقدم ذكرهم. أو على النعت لهم. وقيل: (الذين) نداء مفرد.
قوله تعالى: وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم (13) قل أغير الله أتخذ وليا فاطر السماوات والأرض وهو يطعم ولا يطعم قل إني أمرت أن كون أول من أسلم ولا تكونن من المشركين (14) قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم (15) من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين (16) قوله تعالى: (وله ما سكن في الليل والنهار) أي ثبت، وهذا احتجاج عليهم أيضا.
وقيل: نزلت الآية لأنهم قالوا: علمنا أنه ما يحملك على ما تفعل إلا الحاجة، فنحن نجمع لك من أموالنا حتى تصير أغنانا (1)، فقال الله تعالى: أخبرهم أن جميع الأشياء لله، فهو قادر على أن يغنيني. و (سكن) معناه هدأ واستقر، والمراد ما سكن وما تحرك، فحذف لعلم السامع.
وقيل: خص الساكن بالذكر لان ما يعمه السكون أكثر مما تعمه الحركة. وقيل المعنى ما خلق، فهو عام في جميع المخلوقات متحركها وساكنها، فإنه يجري عليه الليل والنهار، وعلى هذا فليس المراد بالسكون ضد الحركة بل المراد الخلق، وهذا أحسن ما قيل، لأنه يجمع شتات الأقوال. (وهو السميع) لأصواتهم (العليم) بأسرارهم.