يحكى بالعبارة اللازمة، وذلك أنهم يقولون: إن الابن إله والأب إله وروح القدس إله.
وقد تقدم القول في هذا في (النساء) (1) فأكفرهم الله بقولهم هذا، [وقال (1)]: (وما من إله إلا إله واحد) أي أن الاله لا يتعدد وهم يلزمهم القول بثلاثة آلهة كما تقدم، وإن لم يصرحوا بذلك لفظا، وقد مضى في (البقرة) (3) معنى الواحد. و (من) زائدة. ويجوز في غير القرآن (إلها واحدا) على الاستثناء. وأجاز الكسائي الخفض على البدل.
قوله تعالى: (وإن لم ينتهوا) أي يكفوا عن القول بالتثليث ليمسنهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة. (أفلا يتوبون) تقرير وتوبيخ، أي فليتوبوا إليه وليسألوه ستر ذنوبهم، والمراد الكفرة منهم. وإنما خص الكفرة بالذكر لأنهم القائلون بذلك دون المؤمنين.
قوله تعالى: ما المسيح ابن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل وأمه صديقة كانا يأكلان الطعام انظر كيف نبين لهم الآيات ثم انظر أنى يؤفكون (75) قوله تعالى: (ما المسيح بن مريم إلا رسول قد خلت من قبله الرسل) ابتداء وخبر، أي ما المسيح وإن ظهرت الآيات على يديه فإنما جاء بها كما جاءت بها الرسل، فإن كان إلها فليكن كل رسول إلها، فهذا رد لقولهم واحتجاج عليهم، ثم بالغ في الحجة فقال: " وأمه صديقة " ابتداء وخبر " كانا يأكلان الطعام " أي أنه مولود مربوب، ومن ولدته النساء وكان يأكل الطعام مخلوق محدث كسائر المخلوقين، ولم يدفع هذا أحد منهم، فمتى يصلح المربوب لان يكون ربا؟! وقولهم: كان يأكل (4) بناسوته لا بلاهوته فهذا منهم مصير إلى الاختلاط، ولا يتصور اختلاط إله بغير إله، ولو جاز اختلاط القديم بالمحدث لجاز أن يصير القديم محدثا، ولو صح هذا في حق عيسى لصح في حق غيره حتى يقال: اللاهوت مخالط لكل محدث. وقال بعض المفسرين في قوله: " كانا يأكلان الطعام " إنه كناية عن الغائط والبول. وفى هذا دلالة