قوله تعالى: ومنهم من يستمع إليك وجعلنا على قلوبهم أكنة أن يفقهوه وفي آذانهم وقرا وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها حتى إذا جاءوك يجادلونك يقول الذين كفروا إن هذا إلا أساطير الأولين () قوله تعالى: (ومنهم من يستمع إليك). [أفرد] (1) على اللفظ يعني المشركين كفار مكة. (وجعلنا على قلوبهم أكنة) أي فعلنا ذلك بهم مجازاة على كفرهم. وليس المعنى أنهم لا يسمعون ولا يفقهون، ولكن لما كانوا لا ينتفعون بما يسمعون، ولا ينقادون إلى الحق كانوا بمنزلة من لا يسمع ولا يفهم. والأكنة الأغطية جمع كنان مثل الأسنة والسنان، والأعنة والعنان. كننت الشئ في كنه إذا صنته فيه. وأكننت الشئ أخفيته. والكنانة معروفة (2). والكنة (بفتح الكاف والنون) امرأة أبيك، ويقال: امرأة الابن أو الأخ، لأنها في كنه. (أن يفقهوه) أي يفهموه وهو في موضع نصب، المعنى كراهية أن يفهموه، (3) أو لئلا يفهموه.
(3) (وفي آذانهم وقرا) عطف عليه أي ثقلا، يقال منه: وقرت أذنه (بفتح الواو) توقر وقرا أي صمت، وقياس مصدره التحريك إلا أنه جاء بالتسكين. وقد وقر الله أذنه يقرها وقرا، يقال: اللهم قر أذنه. وحكى أبو زيد عن العرب: أذن موقورة على ما لم يسم فاعله، فعلى هذا وقرت (بضم الواو). وقرأ طلحة بن مصرف (وقرا) بكسر الواو، أي جعل في آذانهم ما سدها عن استماع القول على التشبيه بوقر البعير، وهو مقدار ما يطيق أن يحمل، والوقر الحمل، يقال منه: نخلة موقر وموقرة إذا كانت ذات ثمر كثير.
ورجل ذو قرة إذا كان وقورا بفتح الواو، ويقال منه: وقر الرجل (بقضم القاف) وقارا، ووقر (بفتح القاف) أيضا.
قوله تعالى: (وإن يروا كل آية لا يؤمنوا بها) أخبر الله تعالى بعنادهم لأنهم لما رأوا القمر منشقا قالوا: سحر، فأخبر الله عز وجل بردهم الآيات بغير حجة.