قوله تعالى: إن الذين يكفرون بالله ورسله ويريدون أن يفرقوا بين الله ورسله ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا (150) أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا (151) فيه ثلاث مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (إن الذين يكفرون) لما ذكر المشركين والمنافقين ذكر الكفار من أهل الكتاب، اليهود والنصارى، إذ كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم، وبين أن الكفر به كفر بالكل، لأنه ما من نبي إلا وقد أمر قومه بالايمان بحمد صلى الله عليه وسلم وبجميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. ومعنى (يريدون أن يفرقوا بين الله ورسله) أي بين الايمان بالله ورسله، فنص سبحانه على أن التفريق بين الله ورسله كفر، وإنما كان كفرا لان الله سبحانه فرض على الناس أن يعبدوه بما شرع لهم على ألسنة الرسل، فإذا جحدوا الرسل ردوا عليهم شرائعهم ولم يقبلوها منهم، فكانوا ممتنعين من التزام العبودية التي أمروا بالتزامها، فكان كجحد الصانع سبحانه، وجحد الصانع كفر لما فيه من ترك التزام الطاعة والعبودية. وكذلك التفريق بين رسله في الايمان بهم كفر، وهي:
المسألة الثانية - لقوله تعالى: (ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض) وهم اليهود آمنوا بموسى وكفروا بعيسى ومحمد، وقد تقدم هذا من قولهم في " البقرة " (1). ويقولون لعوامهم: لم نجد ذكر محمد في كتبنا. (ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا) أي يتخذوا بين الايمان والجحد طريقا، أي دينا مبتدعا بين الاسلام واليهودية. وقال: " ذلك " ولم يقل ذينك، لان ذلك تقع للاثنين ولو كان (2) ذينك لجاز.
الثالثة - قوله تعالى: (أولئك هم الكافرين حقا) تأكيد يزيل التوهم في إيمانهم حين وصفهم بأنهم يقولون نؤمن ببعض، وأن ذلك لا ينفعهم إذا كفروا برسوله، وإذا