السادسة - فإن بعث بالهدي ولم يسق بنفسه لم يكن محرما، لحديث عائشة قالت:
أنا فتلت قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي، ثم قلدها بيديه، ثم بعث بها مع أبي فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شئ أحله الله له حتى نحر الهدي، أخرجه البخاري، وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد وإسحق وجمهور العلماء. وروي عن ابن عباس أنه قال: يصير محرما، قال ابن عباس: من أهدى هديا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدي، رواه البخاري، وهذا مذهب ابن عمر وعطاء ومجاهد وسعيد بن جبير، وحكاه الخطابي عن أصحاب الرأي، واحتجوا بحديث جابر بن عبد الله قال: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم جالسا فقد قميصه من جيبه ثم أخرجه من رجليه، فنظر القوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (إني أمرت ببدني التي بعثت بها أن تقلد وتشعر على مكان كذا وكذا فلبست قميصي ونسيت فلم أكن لأخرج قميصي من رأسي) وكان بعث ببدنه وأقام بالمدينة. في إسناده عبد الرحمن بن عطاء بن أبي لبيبة (1) وهو ضعيف. فإن قلد شاة وتوجه معها فقال الكوفيون: لا يصير محرما، لان تقليد الشاة ليس بمسنون ولا من الشعائر، لأنه يخاف عليها الذئب فلا تصل إلى الحرم بخلاف البدن، فإنها تترك حتى ترد الماء وترعى الشجر وتصل إلى الحرم. وفي صحيح البخاري عن عائشة أم المؤمنين قالت: فتلت قلائدها من عهن كان عندي. العهن الصوف المصبوغ، ومنه قوله تعالى: " وتكون الجبال كالعهن المنفوش " [القارعة: 5] (2).
السابعة - ولا يجوز بيع الهدي ولا هبته إذا قلد أو أشعر، لأنه قد وجب، وإن مات موجبه لم يورث عنه ونفذ لوجهه، بخلاف الأضحية فإنها لا تجب إلا بالذبح خاصة عند مالك إلا أن يوجبها بالقول، فإن أوجبها بالقول قبل الذبح فقال: جعلت هذه الشاة أضحية تعينت، وعليه، إن تلفت ثم وجدها أيام الذبح أو بعدها ذبحها ولم يجز له بيعها، فإن كان اشترى أضحية غيرها ذبحهما جميعا في قول أحمد وإسحق. وقال الشافعي: لا بدل عليه إذا ضلت أو سرقت، إنما الابدال في الواجب. وروي عن ابن عباس أنه قال: إذا ضلت فقد أجزأت. ومن