التاسعة والعشرون - قوله تعالى: (ليذوق وبال أمره) الذوق هنا مستعار كقوله تعالى: " ذق إنك أنت العزيز الكريم " (1) [الدخان: 49]. وقال: " فأذاقها الله لباس الجوع والخوف " (2) [النحل: 112].
وحقيقة الذوق إنما هي في حاسة اللسان، وهي في هذا كله مستعارة. ومنه الحديث (ذاق طعم الايمان من رضي بالله ربا). الحديث والوبال سوء العاقبة. والمرعى الوبيل هو الذي يتأذى به بعد أكله. وطعام وبيل إذا كان ثقيلا، ومنه قوله: (3) * عقيلة شيخ كالوبيل يلندد * (4) وعبر بأمره عن جميع حاله.
الموفية ثلاثين - قوله تعالى: (عفا الله عما سلف) يعني في جاهليتكم من قتلكم الصيد، قاله عطاء بن أبي رباح وجماعة معه. وقيل: قبل نزول الكفارة. (ومن عاد) يعني للمنهي (5) (فينتقم الله منه) أي بالكفارة. وقيل: المعنى " فينتقم الله منه " يعني في الآخرة إن كان مستحلا، ويكفر في ظاهر الحكم. وقال شريح وسعيد بن جبير: يحكم عليه في أول مرة، فإذا عاد لم يحكم عليه، وقيل له: اذهب ينتقم الله منك، أي ذنبك أعظم من أن يكفر، كما أن اليمين الفاجرة لا كفارة لها عند أكثر أهله العلم لعظم إثمها. والمتورعون يتقون النقمة بالتكفير. وقد روي عن ابن عباس: يملا ظهره سوطا حتى يموت. وروي عن زيد ابن أبي المعلى: أن رجلا أصاب صيدا وهو محرم فتجوز عنه، ثم عاد فأنزل الله عز وجل نارا من السماء فأحرقته، وهذه عبرة للأمة وكف للمعتدين عن المعصية.
قوله تعالى: (والله عزيز ذو انتقام) " عزيز " أي منيع في ملكه، ولا يمتنع عليه ما يريده. " ذو انتقام " ممن عصاه إن شاء.
قوله تعالى: أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما واتقوا الله الذي إليه تحشرون (96) فيه ثلاث عشرة مسألة: