مات يوم النحر قبل أن يضحي كانت ضحيته موروثة عنه كسائر ماله بخلاف الهدي. وقال أحمد وأبو ثور: تذبح بكل حال. وقال الأوزاعي: تذبح إلا أن يكون عليه دين لا وفاء له إلا من تلك الأضحية فتباع في دينه. ولو مات بعد ذبحها لم يرثها عنه ورثته، وصنعوا بها من الاكل والصدقة ما كان له أن يصنع بها، ولا يقتسمون لحمها على سبيل الميراث.
وما أصاب الأضحية قبل الذبح من العيوب كان على صاحبها بدلها بخلاف الهدي، هذا تحصيل مذهب مالك. وقد قيل في الهدي على صاحبه البدل، والأول أصوب. والله أعلم.
الثامنة - قوله تعالى: (ولا آمين البيت الحرام) يعني القاصدين له، من قولهم أممت كذا أي قصدته. وقرأ الأعمش: " ولا آمي البيت الحرام " بالإضافة كقوله: " غير محلي الصيد " والمعنى: لا تمنعوا الكفار القاصدين البيت الحرام على جهة التعبد والقربة، وعليه فقيل:
ما في هذه الآيات من نهي عن مشرك، أو مراعاة حرمة له بقلادة، أو أم البيت فهو كله منسوخ بآية السيف في قوله: " فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم " (1) [التوبة: 5] وقوله: " فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا " [التوبة: 28] فلا يمكن المشرك من الحج، ولا يؤمن في الأشهر الحرم وإن أهدى وقلد وحج، روي عن ابن عباس وقاله ابن زيد على ما يأتي ذكره. وقال قوم: الآية محكمة لم تنسخ وهي في المسلمين، وقد نهى الله عن إخافة من يقصد بيته من المسلمين. والنهي عام في الشهر الحرام وغيره، ولكنه خص الشهر الحرام بالذكر تعظيما وتفضيلا، وهذا يتمشى على قول عطاء، فإن المعنى لا تحلوا معالم الله، وهي أمره ونهيه وما أعلمه الناس فلا تحلوه، ولذلك قال أبو ميسرة: هي محكمة. وقال مجاهد: لم ينسخ منها إلا " القلائد " وكان الرجل يتقلد بشئ من لحاء الحرم (2) فلا يقرب فنسخ ذلك. وقال ابن جريج: هذه الآية نهي عن الحجاج أن تقطع سبلهم. وقال ابن زيد: نزلت الآية عام الفتح ورسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، جاء أناس من المشركين يحجون ويعتمرون فقال المسلمون: يا رسول الله إنما هؤلاء مشركون فلن ندعهم إلا أن نغير عليهم، فنزل القرآن " ولا آمين البيت الحرام ". وقيل: