قوله تعالى: (وإذا جاءوكم قالوا آمنا) الآية. هذه صفة المنافقين، والمعنى أنهم لم ينتفعوا بشئ مما سمعوه، بل دخلوا كافرين وخرجوا كافرين. " والله أعلم بما كانوا يكتمون " أي من نفاقهم. وقيل: المراد اليهود الذين قالوا: آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار إذا دخلتم المدينة، واكفروا آخره إذا رجعتم إلى بيوتكم، يدل عليه ما قبله من ذكرهم وما يأتي.
قوله تعالى: (وترى كثيرا منهم) يعني من اليهود. " يسارعون في الاثم والعدوان " أي يسابقون في المعاصي والظلم " وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يعملون " قوله تعالى: (لولا ينهاهم الربانيون والأحبار) (لولا) بمعنى أفلا. (ينهاهم) يزجرهم.
(الربانيون) علماء النصارى. (والأحبار) علماء اليهود قاله الحسن. وقيل الكل في اليهود، لان هذه الآيات فيهم. ثم وبخ علماءهم في تركهم نهيهم فقال: (لبئس ما كانوا يصنعون) كما وبخ من يسارع في الاثم بقوله: " لبئس ما كانوا يعملون " ودلت الآية على أن تارك النهي عن المنكر كمرتكب المنكر، فالآية توبيخ للعلماء في ترك الامر بالمعروف والنهي عن المنكر. وقد مضى القول في هذا المعنى في (البقرة) (1) و (وآل عمران) (2). وروى سفيان ابن عيينة قال: حدثني سفيان بن سعيد عن مسعر قال بلغني أن ملكا أمر أن يخسف بقرية فقال: يا رب فيها فلان العابد فأوحى الله تعالى إليه: (أن به فابدأ فإنه لم يتمعر (3) وجهه في ساعة قط). وفي صحيح الترمذي: (إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أو شك أن يعمهم الله بعقاب من عنده). وسيأتي. والصنع بمعنى العمل إلا أنه يقتضي الجودة، يقال: سيف صنيع إذا جود عمله.
قوله تعالى: وقالت اليهود يد الله مغلولة غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء وليزيدن كثيرا منهم ما أنزل إليك من ربك طغيانا وكفرا وألقينا بينهم العدوة والبغضاء