قوله تعالى: اعلموا أن الله شديد العقاب وأن الله غفور رحيم (98) قوله تعالى: (اعلموا أن الله شديد العقاب) تخويف (وأن الله غفور رحيم) ترجية.
وقد تقدم هذا المعنى.
قوله تعالى: ما على الرسول إلا البلاغ والله يعلم ما تبدون وما تكتمون (99) قوله تعالى: (ما على الرسول إلا البلاغ) أي ليس له الهداية والتوفيق ولا الثواب، وإنما عليه البلاغ وفي هذا رد على القدرية كما تقدم. وأصله البلاغ البلوغ، وهو الوصول.
بلغ يبلغ بلوغا، وأبلغه إبلاغا، وتبلغ تبلغا، وبالغه مبالغة، وبلغه تبليغا، ومنه البلاغة، لأنها إيصال المعنى إلى النفس في حسن صورة من اللفظ. وتبالغ الرجل إذا تعاطى البلاغة وليس ببليغ، وفي هذا بلاغ أي كفاية، لأنه يبلغ مقدار الحاجة. (والله يعلم ما تبدون) أي تظهرونه، يقال: بدا السر وأبداه صاحبه يبديه. (وما تكتمون) أي ما تسرونه وتخفونه في قلوبكم من الكفر والنفاق.
قوله تعالى: قل لا يستوى الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون (100) قوله تعالى: (قل لا يستوى الخبيث والطيب). فيه ثلاث مسائل:
الأولى: قال الحسن: " الخبيث والطيب " الحلال والحرام. وقال السدي: المؤمن والكافر. وقيل: المطيع والعاصي. وقيل: الردئ والجيد، وهذا على ضرب المثال.
والصحيح أن اللفظ عام في جميع الأمور، يتصور في المكاسب والأعمال، والناس، والمعارف من العلوم وغيرها، فالخبيث من هذا كله لا يفلح ولا ينجب، ولا تحسن له عاقبة وإن كثر، والطيب وإن قل نافع (1) جميل العاقبة. قال الله تعالى: " والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه