هو ما تقرر وثبت وجوبه مما يجب عليهم العمل به، والذي جاء فيه النهي هو ما لم يتعبد الله عباده به، ولم يذكره في كتابه. والله أعلم.
التاسعة - روى مسلم عن عامر بن سعد عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [إن أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن شئ لم يحرم على المسلمين فحرم عليهم من أجل مسألته]. قال القشيري أبو نصر: ولو لم يسأل العجلاني عن الزنى لما ثبت اللعان. قال أبو الفرج الجوزي: هذا محمول على من سأل عن الشئ عنتا وعبثا فعوقب بسوء قصده بتحريم ما سأل عنه، والتحريم يعم.
العاشرة - قال علماؤنا: لا تعلق للقدرية بهذا الحديث في أن الله تعالى يفعل شيئا من أجل شئ وبسببه، تعالى الله عن ذلك، فإن الله على كله شئ قدير، وهو بكل شئ عليم، بل السبب والداعي فعل من أفعاله، لكن سبق القضاء والقدر أن يحرم الشئ المسؤول عنه إذا وقع السؤال فيه، لا أن السؤال موجب للتحريم، وعلة له، ومثله كثير " لا يسأل عما يفعل وهم يسألون " [الأنبياء: 23]. (1) قوله تعالى: ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب وأكثرهم لا يعقلون (103) فيه سبع مسائل:
الأولى - قوله تعالى: (ما جعل الله). جعل هنا بمعنى سمى، كما قال تعالى:
" إنا جعلناه قرآنا عربيا " (2) [الزخرف: 3] أي سميناه. والمعنى في هذه الآية ما سمى الله، ولا سن ذلك حكما، ولا تعبد به شرعا، بيد أنه قضى به علما، وأوجده بقدرته وإرادته خلقا، فإن الله خالق كل شئ من خير وشر، ونفع وضر، وطاعة ومعصية.
الثانية - قوله تعالى: " من بحيرة ولا سائبة " " من " زائدة. والبحيرة فعيلة بمعنى مفعولة، وهي على وزن النطيحة والذبيحة. وفي الصحيح عن سعيد بن المسيب: البحيرة هي التي يمنع درها للطواغيت، فلا يحتلبها أحد من الناس. وأما السائبة فهي التي كانوا